+ A
A -
تحقيق- محمد حمدان


رصد مراقبون ومتخصصون «تعطيشا» للسوق العقاري عبر ممارسات يقوم بها بعض ملاك العقارات تتمثل في مقاومة ضغوط السوق ورفض تخفيض القيمة الإيجارية للعقارات رغم توافر «شواغر» عدة في عقاراتهم أملاً في ارتفاع أسعار الإيجارات مجدداً خلال العام الجاري لافتين إلى أن هذه الممارسات تعتبر تعطيشاً للسوق يتمثل في ندرة المعروض بغرض تماسك المستويات السعرية استناداً إلى قوة يتمتع بها هؤلاء الملاك وتتمثل في غياب أيه اعباء بنكية أو مصرفية، وبالتالي فإنهم يتحملون الشواغر في عقاراتهم ولا يستجيبون لضغوط السوق.


وأوضح المراقبون لـ الوطن الاقتصادي ان عناد بعض ملاك العقارات وعدم تجاوبهم مع التصحيح السعري الحالي في السوق العقاري يؤدي لحالة من حالات الركود العقاري، مشددين على أنه لن يستمر طويلاً، متابعين «قد يستطيع البعض مقاومة اتجاهات الأسعار المتراجعة شهراً وربما أشهر.. لكن الرضوخ للأمر الواقع المتمثل في وجود مستويات سعرية أقل من السنوات الماضية سيبقى واقعاً حتمياً لهؤلاء الملاك.. لن يستطيعوا الصمود لسنوات سيرضخون في النهاية وهذه هي الحقيقة بامتياز» لافتين إلى ان هذا السلوك الرافض لضغوط السوق العقاري السعرية يتركز لدى ملاك بعض العقارات «الجديدة» التي جرى تطويرها مؤخراً أما ملاك العقارات «القديمة» فإنهم يتجاوبون بمرونة مع تغيرات المستويات السعرية للإيجارات بصورة واضحة مشددين على أن سياسة العناد وعدم الاستجابة لمتغيرات السوق تؤدي لتشوهات هيكلية في السوق العقاري.
وحذّر عددٌ من خبراء العقار من استمرار حالة الركود في سوق الإيجارات العقارية إذا لم يتجاوب الملاك والشركات العقارية المستثمرة للعديد من العقارات في السوق المحلية مع متطلبات زيادة المعروض من الوحدات السكنية والتجارية مقابل قلة الطلب، منوهين إلى ان بعض السماسرة، خاصة غير المرخصين يرفضون تخفيض القيم الإيجارية للعقارات وتحديداً في الدوحة، حيث ما تزال القيم الإيجارية مرتفعة.
وطالبوا بضرورة وجود معايير محددة يتم بناء عليها التعامل بين المؤجر والمستأجر، بعيداً عن المزاجية والأهواء التي تسود السوق في الفترة الحالية، حيث من المفترض أن تشهد السوق انخفاضاً في القيم الإيجارية بما لا يقل عن 20% لتحقيق توازن بين المتطلبات والاحتياجات من جهة، وبين المعروض والمتوافر من جهة ثانية، بحيث تتقلص الفجوة بين العرض والطلب لصالح خلق بيئة استثمارية دون الإضرار بحركة السوق العقارية، ومنعاً لزيادة الركود الحاصل فيه، ومنعاً لزيادة خسارة الملاك والشركات المستثمرة للعقارات مستقبلاً، فضلاً عن تأثير ذلك على وتيرة البناء والتعمير الحاصلة في الدولة رغم الحاجة لمزيد من الوحدات السكنية.
سياسة خاصة
وفي التفاصيل قال الخبير والمثمن العقاري، خليفة المسلماني، إن لكل مالك سياسة تسويق عقاري خاصة به، تتأثر بعدد من العوامل كالقروض المصرفية والديون وعدم الحاجة لنقود حاضرة للاستثمار فيها، لافتاً إلى ان المتشددين من الملاك الذين ليس لديهم قروض بنكية أو ديون عادةً لا يستجيبون لانخفاض الأسعار ويتمسكون بالمستويات السعرية القديمة ودرجة المرونة لديهم اقل من غيرهم، في المقابل تبدو المرونة اكثر استجابة لدى الملاك المثقلين بديون مصرفية نظراً لضغوط البنوك عليهم ولذا يستجيبون لتخفض الأسعار واستقطاب المستأجرين لمقابلة التزاماتهم. ورصد المسلماني رفضا لدى بعض ملاك العقارات لتخفيض القيمة الإيجارية للعقارات رغم توافر «شواغر» عدة في عقاراتهم أملاً في ارتفاع أسعار الإيجارات مجدداً خلال العام الجاري، لافتين إلى أن هذه الممارسات تعتبر تعطيشاً للسوق يتمثل في ندرة المعروض بغرض تماسك المستويات السعرية، استناداً إلى قوة يتمتع بها هؤلاء الملاك وتتمثل في غياب أيه اعباء بنكية أو مصرفية، وبالتالي فإنهم يتحملون الشواغر في عقاراتهم ولا يستجيبون لضغوط السوق. مشدداً على أن عناد بعض ملاك العقارات وعدم تجاوبهم مع التصحيح السعري الحالي في السوق العقاري يؤدي لحالة من حالات الركود العقاري.
واشار إلى أن السوق العقاري شهد انخفاضاً ملموساً في القيم الإيجارية لمختلف أنواع الوحدات السكنية وكذلك الأراضي والعقارات، خاصة المتواجدة خارج الدوحة، حيث لعب انخفاض أسعار النفط، والأوضاع الاقتصادية العالمية الحالية، والتركيز على المشروعات الحيوية والبنية التحتية دوراً في تخفيض الشركات لعدد من عمالتها، وهو ما أثر على السوق العقاري، خاصة الإيجارية منها، ولعب دوراً كبيراً في تخفيض القيم الإيجارية ما بين 15% و20% بحسب المنطقة وجودة الموقع والخدمات المقدمة من قبل مشغل العقار.
وتوقع المسلماني أن يشهد قطاع العقارات السكنية تحسناً بعد النصف الثاني من العام الحالي، وعودة النشاط الاقتصادي للسوق المحلي عامة، منوهاً بأن ملاك العقارات سيواجهون الأمر الذي بات واقعاً مفروضاً عليهم سواء أكان عاجلاً أم آجلاً، خاصة أن الكثير من ملاك العقارات مرتبطون بالتزامات مالية للبنوك وغيرها من المشروعات التي تحتاج لسيولة مادية ستدفعهم في النهاية إلى تخفيض القيم الإيجارية لتلبية تلك الاحتياجات والالتزامات، وكذلك الابتعاد عن الخسارة المتوقعة في حال بقي العقار من دون استفادة فعلية منه سواء بالإيجار أو البيع.
تحكم السوق
من جانبه، حذّر مدير شركة روتس العقارية، احمد العروقي، من ركود قد يستمرّ لفترة طويلة في السوق العقاري فيما لو استمر تعنت ملاك العقارات ومشغلي الوحدات السكنية من الشركات العقارية المستثمرة تجاه تخفيض القيم الإيجارية لعقاراتهم، حيث شهد السوق العقاري المحلي العديد من إعلانات التأجير بوسائل الاعلام، وبعد الاتصال بالعديد منهم تجد أن القيم الإيجارية ما تزال على حالها رغم زيادة العرض وقلة الطلب.
وعزا العروقي، عدم استجابة بعض الملاك لتخفيض الإيجارات رغم وفرة المعروض وقلة الطلب وانخفاض الأسعار بنسبة تتراوح ما بين 15% و20% إلى ان البعض ظل يتمسك بأسعار عالية، وذلك لاختلاف سياسة الملاك ومدى حوجتهم للكاش بالاضافة إلى قيمة الاستثمار والعائد المتوقع، لكنه يقول إن السوق في النهاية هو المتحكم.
واضاف: السوق هو المتحكم من حيث تفاعل العرض والطلب، فبعض الملاك يستجيبون للتغيرات السعرية والظروف المختلفة ويتماشون من الانخفاض ويحافظون على دخلهم، بينما البعض الآخر يرفض وينتظر تحسن الأسعار مستقبلاً، ولكل سياسته والسوق في الآخر يفرض واقعاً مختلفاً.
ويوضح العروقي أن اصحاب العقارات الجديدة والجيدة أكثر تمسكاً بالأسعار ورفضا للاستجابة للضغوط السعرية من غيرهم، فالاستجابة لديهم أقل مقارنة بملاك العقارات القديمة نسبياً. وأضاف أن المشكلة الحقيقية تكمن في الشركات العقارية المستثمرة للعديد من العقارات، وتبحث عن أرباح مضاعفة لقيمها الإيجارية، وهذا ما يجعلها رافضة لفكرة تخفيض الأسعار في الفترة الحالية، مشيراً في السياق نفسه إلى مشاركة السماسرة، خاصة غير المرخصين منهم في بقاء هذا الكساد في سوق الإيجارات المحلي إن لم يتم تدارك هذا الأمر، وتحفيز المستثمرين على تخفيض القيم الإيجارية لوحداتهم السكنية تماشياً مع حاجة السوق.
وأكّد العروقي ضرورة وجود معايير محددة من قبل الحكومة لإدارة الوحدات السكنية المخصصة للتأجير، بحيث يتم التعامل بين المؤجر والمستأجر بناء عليها، كذلك تكثيف الرقابة على الفلل السكنية المقسمة، ومنعها لما تسببه من ضرر على المستأجرين أنفسهم وعلى البيئة الحضارية للمنطقة المتواجدة فيها، فضلاً عن عدم تطبيقها معايير الأمان والسلامة، وبالتالي يتم توزيع القاطنين بالفلل المقسمة على الوحدات السكنية الشاغرة الجديدة.
وأشار أيضاً إلى أهمية تكاتف جهود العديد من الجهات الرسمية في انتعاش حركة سوق التأجير من خلال تكثيف الحملات والرقابة على الأبنية والعمارات، مع ضرورة تفعيل القانون فيما يتعلق بمعاقبة السماسرة غير المرخصين، الذين يتسببون في ارتفاع القيم الإيجارية بلا مبرر.
عدم توافق
وفي ذات الصدد أكّد مدير الشركة المتحدة للانشاءات والاستثمار العقاري، يوسف حمد السويدي، أهمية تجاوب ملاك العقارات المرونة مع العرض والطلب لافتا إلى أن حركة التأجير سواء السكني أو التجاري تلعب دوراً كبيراً في التأثير على السوق العقارية عامة، خاصة أن نشاط سوق تأجير الوحدات السكنية والتجارية ينعكس نشاطاً مضاعفاً على حركة البناء والتعمير، والعكس صحيح أيضاً، لافتاً في هذا السياق إلى أن حركة البيع والشراء في السوق المحلي تشهد هدوءاً أشبه بالركود بسبب عدم توافق القيمة السعرية بين العرض والطلب.
وعزا السويدي الركود إلى تمسك ملاك العقارات بأسعار تأجيرية مرتفعة لا تتناسب مع القوة الشرائية للكثيرين ممن يرغبون بالتأجير، خاصة مع الظروف الاقتصادية التي يمر بها الجميع وانخفاض أسعار النفط، وتوجه الحكومة للمشروعات التنموية أكثر من المشروعات التكميلية، وغيرها من العوامل التي لعبت دوراً في توجه الكثير من الشركات إلى تخفيض عمالتها، ما سبب فراغاً مهماً في الوحدات السكنية والتجارية، وظهرت العديد من الإعلانات الباحثة عن مستأجرين، إلا أن الملاك والشركات المستثمرة للعقارات يرفضون تخفيض القيم الإيجارية، والبعض منهم يتذرع بكون الشركات المستأجرة لهذه العقارات أخذتها بأسعار مرتفعة من الملاك، وبالتالي تتعرض لخسارة كبيرة إن قامت بتخفيض القيم الإيجارية في الوقت الحالي قبل انتهاء العقود مع الملاك، وكتابة عقود جديدة بأسعار جديدة.
copy short url   نسخ
03/01/2017
18204