+ A
A -
وصف الدكتورعز الدين عبد المولى، مدير إدارة البحوث بمركز الجزيرة للدراسات، الإعلام الاجتماعي بأنه يعتبر أداة مضادة للخطاب الاعلامي الرسمي، يتحكم فيها رجال الأعمال، حيث بالإمكان نشر الرأي الآخر، ويكشف لك الزاوية الأخرى، التي تتوارى في الصحافة ووسائل الاعلام الرسمية، ولكن عدم القدرة على التثبت من صحة الأخبار يجعلها مصادر عرضة للتشكيك في مصداقيتها، لافتا إلى أن المواطن يتأرجح بين الإعلامين، وهو يبحث عن موقعه، طالما لم يتأسس هناك إعلام يستند على المعايير العالمية، لافتا أن الجزيرة الأن يمتزج فيها الإعلام التقليدي بالحديث، وهي تسير في الركب الإعلامي الجديد، ومؤخرا قامت بإطلاق قطاع يسمى بالاعلام الرقمي، ليواكب التطورات في الساحة الاعلامية، وهي رائدة، وجمهورها متنام.
وأكد في تصريحات خاصة لـ الوطن أن موضوع الإعلام يحظى بأهمية قصوى في الحالات السياسية التي تشهد تغييرا، موضحا أن الجانب الإعلامي لا يقل أهمية عن السياسي، أو الاقتصادي، وكذلك بالنسبة للعلاقات الدولية إبان عمليات التغيير، مشيرا إلى أنه فيما يتعلق بالحالات التي وقع الاختيار عليها في موضوع مؤتمر «الإعلام في مراحل الانتقال السياسي: دراسة حالات تركيا والمغرب وتونس»، حيث يتضح الدور الذي يلعبه الإعلام، سواء من حيث الملكية، البنية التي بدأت تتغير تبعا لتغير المجال السياسي، أو من حيث التأثير والجمهور، لاسيما مع التغيرات التي يشهدها الحقل الإعلامي نفسه، في التحول من الإعلام التقليدي إلى الحديث، ومن الورقي إلى الرقمي، ومن العمومي إلى الخاص، ومن الإعلام الذي يتم التحكم فيه مركزيا إلى ذلك الإعلام الاجتماعي، الذي يمكن الفرد حيث كان بمجرد الارتباط بالإنترنت، وأن يصبح منتجا للمعلومة، ومؤثرا ليس فقط في محيط أصدقائه وعائلته، وانما باستخدام تلك الوسائل الاجتماعية، يمكنه أن يكون أكثر تأثيرا من مؤسسة إعلامية قائمة، ولها تاريخها، وتمويلها، وأن الإعلام يجب أن يكون محور بحث وتقصي لما أصبح يلعبه من دور هو مؤثر جدا.
وقال إنهم كجزء من مؤسسة إعلامية، فإن مهمتهم البحثية تنصب بالدرجة الأولى على تناول موضوعات لها علاقة بالجانب الإعلامي، وأنه ليس هناك ما هو أفضل من التعاون والشراكة مع مؤسسة علمية عريقة مثل كامبريدج، لتناول مثل هذا الموضوع، والخروج بنتائج، من شأنها أن تضيف إلى أدبيات الدراسات في مجال الإعلام بالمنطقة، موضحا أن مثل هذا المشروع قد استمر لما يزيد على الثلاث سنوات، وتم تقديم الأوراق على مستوى أربع من ورش العمل، التي كانت تنصب بوجه خاص على مسألة مراجعة الأوراق في نسختها الأولى، ثم ندوتين لتقديم النتائج النهائية، وما هذا المؤتمر إلا المحطة النهائية والأخيرة، التي يتم فيه تقديم نتائج المشروع.
واوضح أن اختيار مركز الجزيرة للدراسات إلى موضوع الإعلام في مراحل الانتقال السياسي، ليس هو الموضوع الوحيد الذي ينصب عليه جهود الباحثين، حيث هناك موضوعات متعلقة بالاقتصاد وغيرها تحظى ايضا بالاهتمام، موضحا أنهم لا يركزون فقط على تأثير الاعلام فحسب، بل انهم ايضا يبحثون في مسألة كيفية تأثر الاعلام ذاته بالتطورات التي تشهدها المجتمعات، مع تغير المسار السياسي، مشيرا إلى أن المحاور الثلاثة التي اعتمد عليها هذا الموضوع هي: بنية الاعلام، وكيف تتأثر بالتغير الذي يحدث في البنية السياسية، فهو يؤثر ويتأثر، فهذه العلاقة يتم النظر إليها باهتمام بالغ، ثم أن الإعلام كوظيفة وكفاعل، وكملكية وكاقتصاد اعلام، فكل هذه العناصر مجتمعة تشكل هذا المشهد المتغير، مما يعني أن البحث يهتم بتأثير الإعلام وتأثره.
وأشار إلى أن ثورات الربيع أثرت في المشهد الإعلامي، كما هو الحال بالنسبة لتأثيرها في المنظومة السياسية، وكذلك الاقتصادية، فضلا عن تأثيرها في علاقة هذه البلدان بمحيطها، وفي إطار علاقاتها الدولية، موضحا بأن التغيير في كل الجوانب هو تغيير محدود جدا، نظرا لكون المنظومة القديمة مازالت تتحكم في مفاصل الدولة، سواء بالنسبة لاقتصادها، وسياستها، وأيضا إعلامها، مشيرا إلى أن الهزة التي احدثتها ثورات الربيع العربي، تمثل بداية لتغيير طويل المدى، وهو صعب ومتعرج، ويحتاج إلى وقت.
واضاف أنه مما لاشك فيه أن الإعلام فيه تغيير حاليا، ربما أحيانا بعض القضايا، يتم نقلها وتحويلها إلى محور نقاش بالفضاء العام، من خلال المواطن البسيط، وعبر الاعلام الاجتماعي، وليس عبر وسائل الاعلام التابعة للحكومة، إذ أنه كثيرا ما يتم تسليط الضوء على قضية حقوق إنسان، وتصبح قضية رأي عام بمجرد نقلها عبر جوال أحد الأشخاص، وتدفع الإعلام الرسمي إلى تبنيها وتناولها، وبالتالي فهذا التغير ينبغي الاهتمام به والالتفات إليه، مما يعني أهمية تمكين المواطن العادي حتى يصبح مؤثرا في هذه المنظومة الاعلامية، على خلاف ما كان عليه الحال في السابق، من تحكم لرئيس التحرير، والذي هو نفسه يكون خاضعا للتحكم من جانب السياسي، وبالتالي لم تعد الصورة كما عليها سابقا بالنسبة للمركزية، التي تأتي من أعلى، إذ أن اليوم انعكست الصورة، واصبح الجمهور العام ينتج المعلومة والخبر، ويحولها لنقاش عام، ويجذب نظر الاعلام وصانع السياسة، وهو تغيير مهم جدا، إلا أنه في بدايته، ويحتاج إلى بعض الوقت حتى يصبح له تأثير سياسي حقيقي.
وشدد على أن رجال الأعمال باعتبارهم قوة اجتماعية، لهم تأثير في الإعلام كما هو حالهم في السياسة، وهم الحلقة التي تتقاطع عندها السياسة والإعلام، بل والثقافة أيضا، حيث أنه احيانا الثقافة وتوزيع الكتاب يتحكم فيه رجل الأعمال، وهي حلقة مهمة جدا، ولكن الإشكالية الحقيقية تكمن في ارتباطاتها، إذ أنه أحيانا وبحكم أن رجل الأعمال جزء من المنظومة السياسية، فهو قد يقوم بتوظيف المؤسسة الإعلامية التي يمتلكها لصالح الخطاب الرسمي، والاجندة الرسمية، والمحتوى الذي يريد السياسي أن يصل للجمهور، مشيرا إلى أن ذلك يمثل خطا بيانيا متصاعدا، ولكنه ليس خاصا بمنطقتنا العربية فحسب، بل هو توجه عالمي، ضمن ما يعرف بتحرير السوق، وبالتالي هذه ظاهرة مهمة ينبغي الانتباه إليها، ولكن تبقى حقيقة مؤكدة، ألا وهي أن دخول رجل الأعمال في الإعلام يفسده، كما يفسد السياسة بتدخله فيها، فالمال يفسد الإعلام.
وشدد على أنه من الصعب استمرارية الإعلام دون تمويل، وأنه طالما بدأت الدولة تنسحب رويدا رويدا من السوق، بما في ذلك التمويل للمؤسسات الإعلامية، فهي تفتح الباب أمام رجال الأعمال للدخول، وأن يصبح متأثرا، ومن ثم فإن الرهان هو على الاستثمار في وسائل الإعلام الحديثة، الاجتماعية، التي لا تتطلب استثمارات كبيرة، ولكن في نفس الوقت لها تأثير أكبر، بما يشير إلى أن الموضوع معقد جدا.
لافتا إلى وجود إشكالية أخرى، حيث أنه لا يستطيع أحد أن يغفل ما يفعله الإعلام الاجتماعي من تمكين للمواطن البسيط، ومن هم بعيدون عن مراكز صنع القرار، أن يكون لهم دور وتأثير، مع الأخذ بعين الاعتبار ما يطرحه ذلك من إشكالية المصداقية، باعتبار أن المؤسسات التقليدية تحكمها قواعد مهنية، خاصة فيما يتعلق بالتحقق من المعلومة، والمصدر، مما يعني وجود جهات رقابية تفرض سلطتها، وهذا على خلاف الحال بالنسبة للاعلام الاجتماعي، الذي يصعب فيه ذلك، خاصة حينما تكون هناك معلومة مغلوطة يثور حولها نقاش عام وبلبلة، وعندئذ تصعب المحاسبة.
copy short url   نسخ
08/01/2017
899