+ A
A -
منذ أربعين سنةٍ تقريبًا قُرع منزلُ الطبيب النفسي «جيروم موتو»... فتح الطبيبُ الباب، فبادر الرجل الواقف أمامه قائلاً: صباح الخير سيدي الطبيب أنا جار «كريس» المريض الذي يتعالج عندك، أوصاني إن حدث له مكروه أن أوصل لك هذه الرسالة، وقد انتحر «كريس» البارحة!
فتح الطبيب الرسالة فإذا فيها:
عزيزي الدكتور «موتو»:
لقد قررتُ الانتحار بالقفز من أعلى جسر البوابة الذهبية، لن يثنيني شيء عن هذا إلا إذا ابتسم شخص واحد وأنا في طريقي إلى هناك! فإن وصلتك رسالتي هذه فاعلم أن أحدًا لم يفعل!
ابتسامة واحدة كان ستنقذ حياة إنسان! تخيلوا كم كان هذا الأمر بسيطًا وغير مكلف، ولكنه لم يحدث، طبعًا لست أحمّلُ الناس الذين مروا به ذلك اليوم مسؤولية موته... «كريس» كان يعاني من اضطرابات نفسية، ويشعر أن لا أحد يحبه في هذا العالم، وأنا على يقين لو أن أحد المارة علم بوضعه لم يكن ليكتفي بابتسامة بل ربما دعاه إلى فنجان قهوة وحادثه مدة كافية وأنقذه، ولست أقول أن على المرء أن يسير في الطريق موزعًا ابتسامته على الذين يمر بهم، الحادثة هذه أعمق من أن يكون هذه الغاية منها!
ما أريد قوله ان الحياة قاسية، وان الإنسان الطبيعي حتى بحاجة إلى التقدير واللطف. وصحيح أنه ليس على الإنسان إذا لم يجد تقديرًا ولطفًا أن يقفز عن جسر شاهق، أو يتردى من جبل، ويضع حدًا لحياته، ناهيك أن الانتحار خسارة للدارين الأولى والآخرة، ولكن واجبنا تجاه بعض أن لا نزيد الحياة قسوة، وأن هناك أشياء بسيطة يحتاجها الناس ليستمروا في صراعهم مع الحياة!
أحيانًا لا يريد زوج عاد من عمله أكثر من ابتسامة، وكلمة حلوة لينسى نهاره الشاق كله!
ولا تريد زوجة أمضت يومها في أعمال المنزل الشاقة أكثر من كلمة حانية وبعض التقدير لتنسى نهارها المضني!
ولا يريد موظف بسيط أكثر من ابتسامة مديره ليشعر أنه إنسان، وليس آلة!
ولا يريد ولدٌ بعد ساعات من الدراسة أكثر من كوب شاي وقبلة ليطوي تعب الساعات الماضية!
ولا تريد ابنة أكثر من سؤال أبيها عن يومها، ماذا فعلت به، وماذا تريد أن تفعل غدًا!
ولا تريد أم من ابنها المتزوج أكثر من قبلة على يدها أو جبينها لتشعر أن أشهر حملها، وسنوات تربيتها لم تذهب سدى! من قال ان الناس يحتاجون المال فقط؟!
ولا يريد صديق أهمه أمر أكثر من سؤال وتفقد!
من قال إنّ الدنيا مال فقط؟!
الناس لا يريدون منا أن نعطيهم أموالنا لتكفيهم مرتباتهم!
ولا يريد كنّاس الطريق أن نقول له هات المكنسة عنك، واسترح قليلاً!
ولا يريد عامل المحطة أن نعطيه كرسيًا ليجلس، ونملأ عنه خزّان الوقود!
الناس يريدون الاحترام والتقدير والحب فقط، يريدون من يشعرهم أنهم فعلاً بشر... بشر فقط!
الحياة من لحظة الميلاد إلى لحظة الموت رحلة سفر، و«السفر قطعة من العذاب» كما أخرج البخاري في الأدب المفرد.
فترفقوا بالناس، الحياة قاسية بما يكفي، وكل إنسان فيه ما يكفيه!
بقلم : أدهم شرقاوي
فتح الطبيب الرسالة فإذا فيها:
عزيزي الدكتور «موتو»:
لقد قررتُ الانتحار بالقفز من أعلى جسر البوابة الذهبية، لن يثنيني شيء عن هذا إلا إذا ابتسم شخص واحد وأنا في طريقي إلى هناك! فإن وصلتك رسالتي هذه فاعلم أن أحدًا لم يفعل!
ابتسامة واحدة كان ستنقذ حياة إنسان! تخيلوا كم كان هذا الأمر بسيطًا وغير مكلف، ولكنه لم يحدث، طبعًا لست أحمّلُ الناس الذين مروا به ذلك اليوم مسؤولية موته... «كريس» كان يعاني من اضطرابات نفسية، ويشعر أن لا أحد يحبه في هذا العالم، وأنا على يقين لو أن أحد المارة علم بوضعه لم يكن ليكتفي بابتسامة بل ربما دعاه إلى فنجان قهوة وحادثه مدة كافية وأنقذه، ولست أقول أن على المرء أن يسير في الطريق موزعًا ابتسامته على الذين يمر بهم، الحادثة هذه أعمق من أن يكون هذه الغاية منها!
ما أريد قوله ان الحياة قاسية، وان الإنسان الطبيعي حتى بحاجة إلى التقدير واللطف. وصحيح أنه ليس على الإنسان إذا لم يجد تقديرًا ولطفًا أن يقفز عن جسر شاهق، أو يتردى من جبل، ويضع حدًا لحياته، ناهيك أن الانتحار خسارة للدارين الأولى والآخرة، ولكن واجبنا تجاه بعض أن لا نزيد الحياة قسوة، وأن هناك أشياء بسيطة يحتاجها الناس ليستمروا في صراعهم مع الحياة!
أحيانًا لا يريد زوج عاد من عمله أكثر من ابتسامة، وكلمة حلوة لينسى نهاره الشاق كله!
ولا تريد زوجة أمضت يومها في أعمال المنزل الشاقة أكثر من كلمة حانية وبعض التقدير لتنسى نهارها المضني!
ولا يريد موظف بسيط أكثر من ابتسامة مديره ليشعر أنه إنسان، وليس آلة!
ولا يريد ولدٌ بعد ساعات من الدراسة أكثر من كوب شاي وقبلة ليطوي تعب الساعات الماضية!
ولا تريد ابنة أكثر من سؤال أبيها عن يومها، ماذا فعلت به، وماذا تريد أن تفعل غدًا!
ولا تريد أم من ابنها المتزوج أكثر من قبلة على يدها أو جبينها لتشعر أن أشهر حملها، وسنوات تربيتها لم تذهب سدى! من قال ان الناس يحتاجون المال فقط؟!
ولا يريد صديق أهمه أمر أكثر من سؤال وتفقد!
من قال إنّ الدنيا مال فقط؟!
الناس لا يريدون منا أن نعطيهم أموالنا لتكفيهم مرتباتهم!
ولا يريد كنّاس الطريق أن نقول له هات المكنسة عنك، واسترح قليلاً!
ولا يريد عامل المحطة أن نعطيه كرسيًا ليجلس، ونملأ عنه خزّان الوقود!
الناس يريدون الاحترام والتقدير والحب فقط، يريدون من يشعرهم أنهم فعلاً بشر... بشر فقط!
الحياة من لحظة الميلاد إلى لحظة الموت رحلة سفر، و«السفر قطعة من العذاب» كما أخرج البخاري في الأدب المفرد.
فترفقوا بالناس، الحياة قاسية بما يكفي، وكل إنسان فيه ما يكفيه!
بقلم : أدهم شرقاوي