+ A
A -
بداية مبارك عليكم الشهر الفضيل وتقبل الله فيه صيامكم وقيامكم وطاعتكم
كنا في أحد المولات بصحبة العيال قبل سنوات ليست بالقصيرة عندما كانوا صغاراً، ذهبنا إلى مطعم لتناول الإفطار وبدأناه بأكواب الشاي بالحليب.. فجأة ونحن نهم بتناولها وشربها اندلق كوب إحداهن على عباءة الثانية فشعرت بالحرارة فطاشت على أختها وسلختها بكم كلمة من العيار الثقيل! نظرت إليها وإلى أختها وإخوانهم بعد كم كلمة اخترقت عظامهم كتأنيب وتوجيه ثم تنحنحت وقلت لهم بصوت أشبه بالتهديد والوعيد مباشرة نتوجه إلى الفندق لإعادة ترتيب أنفسنا وتبديل ما اتسخ من الملابس والعباءات.. لحظتها كأني رأيت ملافع اليأس والحزن فوق رؤوس البنات حزناً على عودتنا للفندق والموقف النكتة الذي لا نحسد عليه.. أحسست أنهم نادمون على تسرعهم واندفاعهم في ذلك الموقف الذي فات ومات وصار من الذكريات.. ومن ثم عدنا نكمل برنامج الرحلة بسلام ولكن هذه المرة بحذر عند شرب الشاي حتى لا يتكرر المشهد ثانية، موقف آخر جمعني بابنتي أسماء في أحد المولات للإفطار وكنت أقرأ صحيفة الوطن وبعد الانتهاء من قراءتها أخذت نفساً حتى أسترخي وأمدد رجلي وإذ بي أصدم رجل الطاولة فينكب وينكت ويندلق عصير الليمون على عباءتها فتضطرب وتقف.. توقعت ململة ولعلعة لكني لم أر منها إلا ابتسامة صافية كصفاء قلبها الأبيض مشرقة بالحياء والحياة، ابتسمنا سوياً للموقف وضحكنا له من روعته حتى صار من الذكريات.
يقول لي أحد الزملاء وهو بأمانة لا يعرف التوسل ولا التسول في المشاعر تعرفت من قريب على إنسانة جميلة رائعة شكلاً ومضموناً فأحببت أن أمازحها وأعزمها وأفاتحها برغبتي في طلب يدها.. يقول فهاجت وماجت ورفعت حواجبها مستغربة من طلبي و....و....موقف انتزع ضحكاتي وخلق بداخلي عواصف من القهقهات واستمطر سماوات الضحك بداخلي.. ولكنهما في النهاية تزوجا، الشاهد المواقف المحرجة تحتاج البديهة الحاضرة والهدوء وعدم التشنج وتعدي الأمور بسلام.. المواقف المحرجة تجدها في العمل، مع المسؤول، في الشارع، في المسجد، كلها مواقف تحتاج إلى «تكبير الدماغ» وإلى البراعة والذكاء الاجتماعي في التعامل مع الموقف.. وإلا أحسن الله لك العزاء في صحتك وراحتك ونومك ومزاجك واستقرارك وهدوئك.. ستعيش متوتراً قلقاً متصادماً مع الجميع.. المواقف المحرجة واردة والأسئلة المحرجة طبيعية، أنت الوحيد القادر على جعلها طبيعية أو سيئة.. فالبساطة مطلوبة والنوايا الحسنة مطلوبة وحسن الظن مطلوب حتى يكون الموقف أفضل حالاً وأكثر جمالاً.. ولكن إياك والغضب كما جاء في الأثر (لا تغضب) بل عليك بالحكمة والاتزان بالقول والفعل والتصرف.. هوّن الموقف ولا تهوّل.. لا تجعل من النملة فيل ومن الحبة قبة، كن خفيفاً لطيفاً ذكياً متحلياً بالأخلاق الفاضلة والمهارات الاجتماعية والحياتية واجعلها أسلوب حياة في رمضان وبعد رمضان، وكما يقول أهل الخبرة والحكمة والحنكة دائماً وأبداً «كبر دماغك» وستظل في صحة وسلامة.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
18/05/2018
1825