+ A
A -
محمود عيسى
«الرجل لا يقول شيئا غريبا.. مجرد نصائح سلوكية جيدة بطريقة عصرية قريبة من جمهور مستمعيه ومتابعيه».. هذه كانت خلاصة التقرير الصحفي، الذي خرجت به من متابعة لقاء الداعية الشاب، بتكليف من إدارة التحرير بالصحيفة التي أعمل بها.
كان ذلك قبل نحو سبعة عشر عاما، وتحديدا في عام 2001، مع ظهور وتمدد ما كنّا نسميه حينها بـ «ظاهرة الدعاة الجدد» أو اختصارا «ظاهرة عمرو خالد». لم تكن العبارة «الخلاصة»، تعني التقليل من الرجل، بقدر ما كانت وصفا لما يلقيه علي.
كان الداعية الشاب حينها، قد ملأ الدنيا وشغل الناس، فتلك هي المرة الأولى، التي يرى الناس فيها داعية، لا يرتدي العمامة أو الزي الازهري، بل لا ينتمي للأزهر، بل وهو الأهم، لم يدرس علوم الشريعة الإسلامية، وانما درس علوم المحاسبة.
كان ملفتا بشدة ذلك التزاحم على درس الداعية الشاب، لدرجة أغلقت معها الشوارع المحيطة بالمسجد الذي يحاضر فيه، وتلك الفئة من الرجال والنساء والشباب والشابات، الذين لم نعتد رؤيتهم في المساجد، وليسوا من الجمهور المعتاد للدعاة والمحاضرات الدينية.
باختصار.. وقتها لم يكن «البيزنس» قد تدخل، أو بالاحرى قد تغول.
«البيزنس» كالسياسة، ما دخل في عمل دعوي أو إنساني، إلا شانه. والراجح ان كلا المشينين «البيزنس والسياسة»، قد علقا بعمل الدعاة الشباب، الذين تفجرت ظاهرتهم منذ مطلع هذا القرن.
لم يخرج اذن اعلان «الدجاج» المخلوط بالدعوة من قبل الداعية «الشاب»، وغيره من الدعاة العرب، الذين روجوا لأنواع من المياه والألبان، عن سياق الخلط بين الدين والبيزنس.
ربما يكون الاعتراض على «اكل العيش»، غير مقبول، باعتبار ان من حق الداعية، ان يتكسب عن طريق الاعلانات الترويجية، لكن هل من حق الداعية، ان يستغل الدعوة في الترويج؟.. وان يمزج في برنامجه الاعلامي، الذي يفترض انه برنامج دعوي، بين الدعوة والاعلان، ليتحول إلى داعية ومعلن في وقت واحد؟
قد تصلح فكرة اثنين في واحد في الترويج، في المنتجات الاستهلاكية.. لكنها قطعا لا تصلح في الدين الذي لابد ان ينزه عن الامتزاج بـ «البيزنس» أو غيره.
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
27/05/2018
1874