+ A
A -
نحن وأنتم، من عشنا وعشتم، في الخليج منذ ستينيات القرن الماضي، وتجولنا في دوله وقراه ومدنه، واغتسلنا برمال بحره وبره، وتناولنا «ريوقه» من ضرع الناقة، وتلحّفنا بوبرها، واختبرنا عن قرب تلك اللحمة من عادات وتقاليد وثقافة، فلم تكن تميز أنك في هذا البلد أو ذاك إلا إذا كنت خبيرا في اللهجات والتي تكاد من شدة تقاربها أن تختفي فروقها، نحن من يؤلمنا أن نحرم من الحج والعمرة، وأن نحرم من وصل رحمنا في دول الحصار، وأن نرى خطاب الكراهية بين من كانوا أمس إخوة، وكانوا حمامة سلام بين دول العالم العربي، والله إنَّا كنا نرى الغيرة من عرب من هذا التلاحم الخليجي، واعتقدنا في يوم من الأيام أن تقوم وحدة خليجية متكاملة، لكن وقد اكتشف المستور وذاب الثلج وظهرت الحقيقة، وأن ما كان يدبر في ليل عواصم القربى هو ابتلاع قطر التي كان شعبها آمنا مسالما محبا مخلصا، يفتح الأولوية في التعليم والصحة والتوظيف لأبناء الخليج كما هو الحال للمواطن، ولم يتوقع أحد هذا الظلم بطرد المعتمرين والطلاب والزوار والموظفين ليرددوا مع الشاعر الذي انتهك حقوقه ابن عمه الشاعر الشريف طرفة بن العبد الذي أعدم في البحرين وبقي قوله في معلقته:
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضة
على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّد
هو لسان حال المواطن القطري الذي لولا لديه قيادة رشيدة وسفينة يقودها ربان ماهر لكان حاله ليس هذا الحال من العز، فقد تصدت الإرادة الصلبة للحصار وواصلت البناء فكان أسرع نمو في المنطقة بما اتخذت الدولة من إجراءات لامتصاص الصدمة الناتجة عن الحصار المفاجئ، وإغلاق المنافذ، والممرات البحرية والجوية، ووصل حجم وقوة الاقتصاد القطري إلى 170 مليار دولار، ونجحت في الحفاظ على قوة الريال بالرغم من كل المحاولات لضرب العملة القطرية، وحققت 82% من الاكتفاء الذاتي من الألبان، 92% من الحليب، 80% من الاستزراع السمكي، وارتفع إنتاج المزارع القطرية بنسبة 300%، قطر واجهت ظلم ذوي القربى بالدعوة إلى الحوار، واجهته بالعمل الجاد وفتحت قلبها وذراعيها للباحثين عن الإبداع فكانت قطر جديدة وإغاظة كيد من أرادوا هدم عزها فبنت عزا لشعبها ولكل من وطأ أرضها.
كلمة مباحة..
اقطع رقبتي ولا تحجب وصول المياه إلى حقلي.
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
08/06/2018
2480