+ A
A -
يتناول إصدار (في حُبّ الوطَن) عددًا من المعلومات الهامّة حول الوطَنِ والمواطنة، المُقَدَّمَة لمكتبة الأُسرة القطرية في شكل متن مُكَثَّف وتفاعُلِي، حيثُ يوضِح في ثناياه التفاصيل الدقيقة التي تُشَكِّل المعرفَة التأسيسية للطفل حول وطنِه قطر، وتغرِس فيهِ حُبَّ وشرف ومسؤوليَّة الانتماء لبلادِه ومسقَط رأسِه، والعمَل على رُقيِّها وتقَدُّمِها، وإعداد النفس من أجل تقدُّمِها والدفاع والذود عنها والحِفاظ على موارِدِها ومُكتسباتِها. وقد خرجّ هذا الإصدار الجديد إلى النور بعد فكرة وطنيَّة هامَّة قدّمتها مُبادرة (عدسَة شبابيَّة) التابعة لمركز قطر التطوعِي، هذا المركز الذي أعَدّ ومازال أجيالًا من الشباب الوطنِي، وهُم رأس المال البشري للبلاد، المنشَغِل بتنميَة وطنِه وتوظيف طاقاتِه الجَبّارَة، المَهاريَّة والخدميَّة، لخدمة البِلاد والعِباد، وباعتبارِي السفيرة الإعلاميَّة لمبادرة (عدسَة شبابيَّة) التي تتميَّزُ، بما تزخَرُ فيه من أعضاء نشيطين ومؤثرين، بالاهتمام في بناء محتوى إعلامي هادِف يدعم المجتمع، وعليه فقط قُمت ببلورة هذه الفكرة الفتيَّة في شكل إصدار وطني، نُهديهِ جميعًا لمكتبة الأسرة القطريَّة، وقد قامَت الرسّامة القطريَّة المتميزة، لينا العالي برسم غُلاف الإصدار وعدد من الرسومات الداخلية التي زاوجَت النص التحريري، لتقَدِّم للطفل مادة نصيَّة وبصريَّة تفاعُلية تصِل لذِهنِهِ مباشرة وتستقِرُّ في وعيِه، وقد قامت دار روزا للنشر مشكورةً، وهي أول دار قطرية للنشر، بتبنِّي المشروع وطباعته، وكان لجهود الأستاذة عائشة الكواري، صاحبة الدار ورئيس مجلس إدارة مركز قطر التطوعي، كُل الأثر الطيِّب في إصدِار هذا العمَل الأدبي للنورِ وللوطن ولأبناء الوطَن.
قارئي العَزيز، إنَّ إصدار (في حُبّ الوطَن)، جاءَ كمُحاولَة أدبيَّة وإنتاجيَّة هامَّة نحو أدب الطفِل وهو أحَد المجالات المعرفيَّة التي تندُر الكتابة فيها بشكلٍ عام، ويهدِف هذا الإصدار المُهدى للمكتبة الوطنيَّة والعربيَّة؛ لتعزيز الثقافة الوطنيَّة، من خِلال نقِل المفاهِيم الوطنيَّة وبث الوعِي التاريخي الجُغرافي الاقتصادي السياسي للأطفال في شكل مادّة تفاعُليَّة مكثفَة، فالمتن عرّج إلى على موقع قطر الجغرافي والمساحَة والعاصِمَة وأهم المدُن القطريَّة، مع التعرُّف على العَلَم الوطنِي ودلالَهُ رموزِهِ ولونِه التي يتمَيَّزُ بها، واللُغة والدين والمناخ والعُملة والمناخ وعدد السُكان والوزارات والعُطلات الرسميَّة والاقتصاد الوطني، والرؤية الوطنيَّة للبلاد 2030 ومُرتكزاتُها الأربعة الأساسيَّة، ولنشيد الوطني ومدلولاته الوطنيَّة الساميَة، والدستور القطري ومبادِئ السياسَة الخارجيَّة للبلاد، كما تطرّق الكِتاب لعددٍ من واجبات المواطِن تِجَاه وطنه. إنّ هذا الإصدار وغيره من الإصدار المنتميَة لأدَب الطِفل تُخاطِب في أُتونِها تفتُّح الطفِل وبراءته وأرضيتهُ الذهنيَّة الخِصبة التشكيل والبِناء، وتُحاوِلُ، إلى حَدٍ كبير، أن تتقَمَّص عَينَيّ الطِفِل ورُوحَهُ وخيالَه، حرفـًا وصُورة.
الإصدار ثمرة من ثمار الوعِي العامّ الذي حصدناه جرّاء هذه الفترة السياسيَّة المأزومة، فحِصار قطر الجائِر فرَضَ علينا اتباع إيديولوجيا جديدَة في التعاطِي مع متغيراتِ الأزمة على كافّة الأصعدَة، ولعَلّ مَنابِرِي الإعلاميَّة؛ كونِي كاتبة عمود صحفي وناشِطة إعلاميًا واجتماعيًا؛ جَعلَتنِي أُقحِم نفسِي في السِياسَة كشاهدَة على مُجريات الزِيف والبُهتان وقارئَة للأحداث ومَحَلِلَة هذِه الوقائِع التي احتطبَت من أعصابِنا وأنفُسِنا الكثِير والكَثير، وفي إصدار (في حُبّ الوطَن) أدخُلُ مُغامرَةً توثيقية جادَّة، أحاوِلُ فيها أن أقدِّمَ سِجلًا مُدونًا للتاريخِ والوطَن، ويستفيد منهُ أطفالُنا، شبابُ الغَد، جنودُ الوطن البواسِل.أيُّها القارئ الكريم، يُلحَظُ أنَّ أدب الطفل في الخليج ما زال يحبو، فهذا الشُح يعُودُ لنُدرة دُور النشر التي تُعنى بأدب الطفِل، وقِلَّة الدورات التكوينيَّة والتأصيليَّة في هذا المجال للمهتمين والمبتدئين، فأدب الطفل يحبو الاهتمام به يحبو بالمقابِل، ويُمكن أن يعُود ذلك إلى عدَم الفهم الدقيق لطبيعَة هذا الأدب، فالكِتابَة للطِفل عليها أن تأخُذ بالاعتبار الطبيعة النفسيَّة والسيكولوجيَّة الفرِيدَة للطفل واحتياجاتِه باختلاف مراحلِهِ العُمريَّة، إضافة إلى الاعتبار الفِكرِي والثقافِي والاعتبار الفَنِّي، أو الطريقة التي يُقّدَّم فيها هذا الأدب والمبهرات التي تجذب ذهنيَّة ووعي الطفل لإدراك المحتوى المُعَدّ.
في الخِتام، يُمكِن القَول أنَّ قضايا الهَم الوطني كثيرة ومتشعِبة، والكاتب والمُبدع الحقيقي يُعَبِّر في النِهايَة عن ضمير المجتمع، ورُغم أنَّ الكثير من الأقلام ترفُض اقحام نفسها في السياسَة، إلّا أنَّ السياسة أحيانًا كقضيَّة وطنيَّة، تفرض نفسها بنفسِها على أصحاب الضمائر والأقلام، فالكِتابَة السِياسيَّة الجادّة هِيَ اهتمامٌ بِبِناء الفضاء العُمومِي الذي يُعتَبَر شرطًا من شُروطِ جَدوى الكِتابَة، وتجيءُ الكِتابَة السِياسيَّة في وسائِل الإعلام الكلاسيكِيَّة والجَديدَة حامِلةً موقِف الشَعبِ من الحاكِم وموقِف الحاكِم من الشَعب، وتُصبِح هذه الكِتابَة في زماننا (الأقلام الجادّة) مؤهلَةً لكِتابَة التاريخِ الراهِن بما يتمتّعُ بِهِ أقلامُ الكُتّاب الأحرار من ثقافةٍ واسِعَة ووعي ونُضج وحِرَفيَّة وخروج تامٍّ من منطِق الدِعايّة المُغرِضَة، فالكاتِب متى توفرَت عندَهُ قيمَةُ المصداقيَّة وحق الحُريَّة فإنَّهُ بإمكانِهِ أن يكتُبَ التاريخ بكُل إبهارٍ وجَلاء.
بقلم : خولة مرتضوي
copy short url   نسخ
22/06/2018
4161