+ A
A -
كتبت غير مرة في هذه المساحة، ان مدعي الليبرالية والعلمانية العرب- لأنهم ليسوا علمانيين أو ليبراليين حقيقيين - هم اكثر أهل الارض بعدا عن الليبرالية، واقلهم احتراما للحريات. لكن الأدهى والأمر هو أن جلهم – وليس كلهم بالطبع - وان اخفى وتخفى، وراوغ وادعى، هو يناصب المظاهر الدينية، أو بالأحرى الإسلامية العداء. فهم يكرهون هذه المظاهر، ويطاردونها أينما كانت وكيفما كانت.
فقد انتفض «ليبراليون «تونسيون، مهاجمين مدرب منتخب بلادهم نبيل معلول لأنه ظهر مع لاعبي فريقه يقرؤون سورة الفاتحة قبل الولوج إلى الملعب، لأداء مباراة مع نظيرهم الانجليزي، في مونديال روسيا، والتي فاز فيها الاخير بهدفين مقابل هدف.
الهجوم وصل حد اعتبار محلل سياسي تونسي قراءة المدرب واللاعبين سورة الفاتحة قبل خوض المباراة «بدعة وشعوذة».
بينما عزا «ليبرالي» آخر، هزيمة منتخب بلاده إلى «مواظبة نبيل معلول على الصّلاة وقيامه بالدعاء وقراءة القرآن سواء أثناء حصص التدريب أو أثناء المباريات عوض قراءة الخصم والإعداد جيدا للمباراة» حسب قوله.
الملفت أن هذا النوع من السلوك للاعبين تمارسه فرق رياضية من دول وديانات أخرى، وان «التصليب» و«التثليث» على سبيل المثال، يفعله معظم ان لم يكن كل اللاعبين، في جميع الفرق الفرق العالمية، دون ان يربط احد المدعين بين نتيجة المباراة وبين ذلك السلوك، أو يوجه له انتقادا من أي نوع.
ولأن الأمر في تقديري لا علاقة له بمباراة المنتخب ونتيجتها، وهو ليس الا انتهازا للفرصة، لمهاجمة الإسلام والقرآن، فلماذا لم يسأل المدعون الكارهون انفسهم، لماذا أخفق المدرب السابق للمنتخب التونسي، الفرنسي البولندي هنري كاسبارجاك في قيادة الفريق خلال كأس امم افريقيا، ما عجل بإقالته، فهل كان يضيع – هنري - الوقت في الصلاة والقرآن كما يتهمون نبيل معلول، الذي نجح وهو المصلي القارئ للقرآن في الوصول بمنتخب بلاده إلى كأس العالم؟!
إن كل الثقافات تعبّر عن نفسها من خلال معتقداتها، وتعظم هذه المعتقدات وتضفي عليها هالة من التقديس، حتى وان كانت وضعية، وهو على كل حال، سلوك يحترمه الليبراليون الحقيقيون، اولئك الذين يقبلون ان يؤدي زعماؤهم اليمين الدستورية، وهم يضعون ايديهم على الكتاب المقدس، دون ان يعتبر احد ذلك نوعا من الشعوذة أو الدجل، كما يتطاول مدعو الليبرالية العرب.
بقلم : محمود عيسى
copy short url   نسخ
24/06/2018
1840