+ A
A -
تروي كتب التاريخ قصة رسول كسرى الذي جاء إلى مدينة الخلافة لمقابلة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه، فسأل عن قصره المنيف، وحصنه المنيع، فأشاروا له ناحية بيته، فلما وصل رآه أدنى من بيوت الفقراء، ووجد حاكم المسلمين نائما في ملابس بسيطة تحت ظل شجرة قريبة، فقال مقولته الشهيرة: «حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر».
وفي ذلك قال الشاعر العربي الجميل حافظ إبراهيم:
وراعَ (أذهل) صاحبَ كِسرى أنْ رأى «عُمراً» -- بين الرعيَّةِ عَطلاً (في حالة بسيطة كعامة الناس) وهوَ راعيها
وعَهدُهُ بِمُلوكِ الفُرسِ أنَّ لها -- سوراً مِن الجُند والأحراس يحميها
رآهُ مُستَغرِقاً في نَومِهِ فرأى -- فيه المهابةَ في أسمى معانيها
فوقَ الثرى تَحت ظِلِّ الدَّوحِ (الشجرة الكبيرة) مُشتملاً -- بِبُردَةٍ (مرتديا عباءته) كادَ طُولُ العهدِ يُبليها
فهان في عينيهِ ما كان يُكبِرُهُ -- مِنَ الأكاسرِ والدُّنيا بأيديها
وقال قولةَ حَقٍّ أصبحت مَثلاً -- وأصبحَ الجيلُ بعدَ الجيلِ يَرويها
أَمِنتَ لمّا أقمتَ العَدلَ بَينَهُمُ -- فَنِمتَ نَومَ قَريرِ العينِ هانيها
لذلك أنا شخصياً لا أستغرب محبة الرأي العام العربي والإسلامي وتضامنهم مع الرئيس الطيب البطل أردوغان، ومع الدكتور الرئيس المنتخب محمد مرسي المظلوم القابع في السجن مع آلاف المصريين الشرفاء، والمفروض كان على كل الديمقراطيين في العالم أن يقفوا بجواره لا نسيانه، والمطالبة بإطلاق سراحه وسراح جميع المعتقلين السياسيين، والمطالبة بفك الحصار عن قطر، والإجرام الذي يمارس ضد مؤسساتها الإعلامية من قرصنة وسرقات، لابد ان ينتهي القمع والعبث وتنتهي الممارسات غير المسؤولة وغير الراشدة في الخليج والمنطقة العربية ووضع حد لبعض الأنظمة التي تجاوزت كل ما هو مقبول إنسانيا، فالوضع في الخليج لا يطاق وإرهاب أهلنا في دول الحصار بالغرامات والسجون والطرد من جنة الحاكم وسحب الجوازات أو حجزها لم يعد مقبولا ونحن نعيش عام 2018 ونطالب منظمات حقوق الإنسان برد الاعتبار للمواطن الخليجي والعربي والمسلم في كل مكان.
إننا كلنا من المحيط إلى الخليج بحاجة لأجواء آمنة حرة خالية من الفساد والاستبداد، وبحاجة إلى بطل خليجي أو عربي أو مسلم يؤمن بالحرية ويقيم دولة العدل والقانون وإطلاق الحريات، مظهراً وجوهراً، ويحفظ ثروات ومقدرات الأجيال القادمة، ونحن مع هؤلاء الشرفاء قلباً وقالباً وفخورين بهم وبمشاريعهم وسياساتهم التنموية التي تستهدف الإنسان أينما وجد.
ورحم الله سيدنا الخليفة عمر بن الخطاب القائل «لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها» وعلى الخير والمحبة نلتقي.

بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
30/06/2018
3936