+ A
A -
يُحكى أنَّ رجلاً انتقل مع زوجته إلى بيت جديد، وفي صبيحة اليوم الأول لهما في ذلك المنزل، وبينما هما يتناولان طعام الفطور، قالت الزوجة لزوجها وهي تشير إلى النافذة: انظر إلى غسيل جارتنا إنه لا يبدو نظيفاً، أي امرأة هذه التي لا تستطيع غسل ملابس عائلتها!
وطوال شهر تقريباً كانت الزوجة تكرر نفس التعليق على غسيل جارتها، ولكنها ذات مرة لاحظت أن غسيل الجارة يبدو نظيفاً على عكس ما كان في السابق، فقالت لزوجها: وأخيراً تعلمتْ جارتنا كيف تغسل!
عندها قال الزوج لزوجته: عزيزتي، لقد نهضتُ باكراً هذا الصباح ونظفتُ زجاج النافذة التي تنظرين منها إلى غسيل جارتنا!
أحياناً لا يكون الخلل في المشهدK وإنما في العين التي تراه! وهذه إحدى مشاكل البشر المستعصية التي ستهلك غير مأسوف عليها قبل أن تجد حلاً لها!
إنَّ بعض النقد الصائب أمره يسير، بل هو مهم وضروري، فمن الجيد أن يرى الإنسان نفسه في عيون الآخرين، نحن جميعاً لا نرى أنفسنا كما يجب! وعندما نتواضع، ونقبل أن نرى أنفسنا بأعينهم لبرهة، لربما أتاح لنا هذا فرصة أن نُحسِّن من سلوكنا، ونستحق فعلاً هذا التبجيل والتقدير الذي نكنه نحن لنا!
ولكن أخبروني بربكم إن كانت المشكلة في الآخرين، كيف نُصلح لهم نظراتهم، كيف نخبرهم أن غسيلنا نظيف جداً وأن زجاجهم المتسخ يحجب عنهم رؤية هذه النظافة؟! كيف نخبر أصحاب برامج تقييم الآخرين، وكُتاب الأعمدة في الجرائد، وموزعي صكوك الجنة والنار على عباد الله، أن الآخرين أنقى مما يعتقدون، وأنه ليس لديهم مشاكل باستثناء حضرات مصلحي العالم الفاسدين!
ما أتعس هؤلاء الذين لا يبصرون موقع أقدامهم!
إن الذين تصفونهم بالمتشددين قد لا يكونون كذلك ولكن المستهترين والمنفلتين يحسبونهم كذلك!
إن الزوجة التي تصفينها بضعف الشخصية قد لا تكون كذلك ولكنكِ رأيتها كذلك لأنكِ مسترجلة!
وإن الزوج الذي تصفه بناقص الرجولة قد لا يكون كذلك ولكنك تراه هكذا لأنك قاسٍ، ولأنك لا تفهم ما هي الرجولة حقاً!
إن الإنسان الذي تصفه بأنه بارد الدم، وليس لديه إحساس وانفعال قد لا يكون كذلك ولكنك تراه هكذا لأنك عصبي لا تملك زمام نفسك أي تصرف يستفزك، وأي فعل يتملكك بدل أن تتملكه!
الإنسان الذي تصفه بأنه جبان، ولا رأي له، لأنه لا يكيل اتهامات نقص الوطنية والانتماء لهذا وذاك، قد لا يكون كذلك، أنتَ تراه هكذا لأنك لا تعلم أن الآخرين أنقى من أن يصبوا الزيت على النار إذا ما اختلف الناس فيما بينهم، وأرقى من أن يُحَرِّشوا بين هذا وذاك، وأعقل من أن يركبوا الموجة التي أحدثها الآخرون، البعض بحارة أمهر من ألف مثلك، لا يخشون الموج ولكنهم لا يركبون إلا الأمواج التي ترضي ضمائرهم!

بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
08/07/2018
3515