+ A
A -
أن تكون مواطناً سورياً.. لاجئاً، مشرداً، واقفاً عند خيالات الحدود تستجدي أن يفتح باب لك، تغلقه دون وحوش الأسد المسعورين خلفك، خلف جسدك، خلف مالك.. خلف عرضك، خلف كل شيء يمثل إنسانيتك، وكرامتك، وحريتك، واقعٌ لا يدركه إلا من تجرع منهم غصص اللجوء، وظل منكسراً بانكسار طفله، وامرأته، وفتاة سقطت من عمرها كل الزهور، وشيخٌ كبير أخذ اللجوء عكازته، وفراشه، وذكريات العمر كله.
في السابق كان يحدثنا من نعرفهم من إخوتنا الفلسطينيين عن المخيمات التي ضمت اللاجئين الفلسطينيين في بعض الدول العربية، وكيف كانوا يعيشون حياة بائسة في بيوت بالكاد تستر إنسانيتهم، وتغطي حاجاتهم في الحياة. هذه المخيمات داخل الحدود تبدو اليوم كالقصور بالنسبة للاجئين السوريين اليوم على الحدود أو خارجها. وفي هذا الصيف القاسي تبرز مأساة الهاربين من جحيم القصف، والقتال في درعا إلى حدود الأردن وقد أغلقت أمامهم، ولم تجد مناشدتهم للصهاينة أيضا على حدود الجولان حين خذلهم العرب، وتخلو عنهم في إيوائهم، وحمايتهم. للجانب الحكومي الأردني أعذاره، حيث لا مجال من تحمل أعباء المزيد من اللاجئين، والبلد تعيش أزمة اقتصادية طاحنة،
تصف لي سيدة سورية مشاعر الفزع، والرعب التي عاشوها تحت القصف.. وكيف أنها لم تقرر الهرب واللجوء إلا بعد أن قتل أهلها جميعاً، وزوجها، حينها فقط تحملت مرارة ذلك كي يعيش أبناؤها.. وهذا حال أغلب اللاجئين السوريين الذين بدأ يتسرب عددٌ منهم للعودة إلى مناطقهم رغم كل المخاطر، والعذابات التي تنتظرهم على يد عصابات الأسد، وشبيحته المجرمين. لكنها الحرية، والكرامة التي خرجوا من أجلها ومازالوا يبحثون عنها. ولا عزاء للإنسانية.
بقلم : مها محمد
copy short url   نسخ
10/07/2018
1963