+ A
A -
قُبالَةَ مِرآتها، كاتمةِ أسرارها، جلسَتْ امرأة تُحَدِّثُ نفسَها عن إهمال زوجها، كما يصور لها عقلها، لكنَّ نهرَ الإحساس بالإهمال واللامبالاة يفيض هذه المرة لِتَثور ثورةً محتشمة في وجه زوجها..
ماذا كان يَنقص الزوجةَ الشابة حتى يئِسَتْ مِن ثورة التمرد التي كانت تَشتعل في دواخلها وتَأكلها كما تَأكل النارُ الحطبَ؟!
هكذا كانت تَتساءل الزوجةُ التي يُسَوِّلُ لها شيطانُها بأنها مَغلوبة، بينما الزوج الغائب بمستوى وعيه بما يَحصل لا يكترث لهذه الأمور التافهة كما قد يَحسب الرجالُ، أما النساء، فبالنسبة لهن تبدو الأمور مصيرية وحازمة..
جَليد صمتِ المرأة يَذوب، فإذا بها تُعاتب الزوجَ على تقصيره في العناية بها والتصرف بشكل أكثر حضارة أمام الآخَرين، شكل يُظْهِرُ الكثيرَ مِن المودة واللين أمام مَن لا يهمه أمرهم الزوجُ المسكين..
ولأن الرَّجُلَ يُحسبُ له ذكاؤُه دائماً، فقد فَكَّرَ هذا في أن يَضرب لها أمثلة تُبين إلى مدى يَقتضي الأمرُ من الزوجة صَرْفَ النظر عما لا يحتاج منها إلى أن تُعطيه كل هذه الأولوية، وهنا بيت القصيد ومربط الفرص..
مِن المؤكد أن دهاءَ الزوج لَمَّحَ لها بما قد يُخَطِّطُ له الزوجُ، فالرَّجُلُ دائماً يَنظر إلى الأمور نظرة عملية، ولا يُنفق الكثيرَ من الوقت في النظريات..
طلب الزوج من زوجته أن تتأهب للخروج معه إلى حديقة الحيوانات التي لا تَجد فيها المرأة ما يُذَكِّرُها بتاريخ مُشَرِّف مِن الأنوثة والدلال تَزامُناً مع مواسم الجَمال..
مَرَّ الزوج وزوجته بقفص القِردة، فبدأَت الزوجة تَشعر بالغيظ غيرة مِن القرد الذي يمازح أنثاه ويدللها ويُلاطفها، فقالت الزوجةُ: اُنظر إلى أي مدى يُحِبُّ الذكرُ أنثاه ويلاطفها ويُغازلها الوقت كله، حينها طلب الزوجُ مِن زوجته أن تلقي بشيء في اتجاه القردة، فما كان مِن القرد إلا أن ترك زوجتَه وتَسَلَّقَ الشجرة باحثاً عن مخرج لورطته..
ثم واصَلا المضي، وقفَ الزوجُ بزوجته عند قفص الأسود، وتَعَمَّدَ أن يترك لها مجالاً للمعايَنة، فَوَجَدَت الأسدَ مُستلقياً في ركن، بينما اللبؤة منكمِشة في ركن آخَر، فقالت الزوجةُ: اُنْظْر، إنه لا يُحبها ولا يُعيرها اهتماما كأنها غير موجودة، فطلبَ الزوجُ من زوجته أن تَضرب اللبؤة بحجر، وقبل أن يَصِلَ الحجر كان الأسد قد أعلن الزئير وتقدم مُسرعاً محاولاً الانقضاض على الزوجة التي أساءَتْ إلى لبؤتِه..
والعِبرةُ أن أقصى ما تتمناه امرأة وتتطلع إليه هو إبداء الاهتمام بها أمام الآخَرين، لكن صَدِّقْ يا صديقي أن المظاهر خادعة.. ليس كل مَن يُصفِّق لك يَبتسم لك قلبُه، وليس كل يَقف قُدَّامَكَ لامبالياً كما يَبدو لك هو بالضرورة منشغل عنك أو لا تَعني له شيئاً أنتَ.
ليس كل مَن يُهَرِّجُ أمامَك يُخْلِصُ لك، وليس كل مَن يَختلي إلى نفسه في حضورِكَ يَرغب في غروب شمسكَ. الرجُل الحقيقي يَظهر في المواقف، والمشاعر المزيفة يُعَرِّيها اختبار بسيط.
نافِذَةُ الرُّوح:
- «الحُزن يَجعلك تَخرج إلى العالَم بملامح ممسوحة».
- «بين الشموع والدموع معزوفة صامتة».
- «في أقصى جِبال الوجدان تَنمو نبتةُ الرغبة الطامعة في انعتاق».
- «غيمةٌ تَقولُ لأخرى: دموعي أغلى».
- «في مهرجان النجوم الأَمَّارة بانطفاء يَسقط ثوبُ الليل ويَخجَل القمرُ مِن بطنه الْمُتَدَلِّي كالكُرَة».
- «سَأَظَلُّ أَعزف على وتر الإحساس عَلَّى مشاعرهم النائمة تَستيقظ لِأُغِيظَ صدرَ الورقة الآيِل لانفجار بوحاً».
- «يَقول العصفور للوردة: لا أعرف يا صغيرتي كيف وَصَلْتُ إليك، لكنني أَعرف أن عِطرَك يُسْكِرُ الكون.. فتُجِيبُه الوردةُ بخجل: وأنا تَسَلَّلَ إليَّ وَقْع موسيقاك وأنتَ تُغَرِّد، فقُلتُ: قَسَماً لَأُسْكِرَنَّه».

بقلم : د. سعاد درير
copy short url   نسخ
19/07/2018
3120