+ A
A -
بينما كنت أتناول غدائي في مطعم بمنتجع البرنسز في اكابولكو بالمكسيك.. اقترب مني رجل يحدق في وجهي.. فقال مرحباً بالاسبنيولي.. فقلت هلا سنيور.. فقال بالعربي والله كنت شاكك إنك فلسطيني.. حياني بتحية لبنانية.. وقال فلسطين لن تضيع، فالفلسطيني هو الفلسطيني.. ذهبت إلى تشيلي التي يزيد عدد الجالية الفلسطينية فيها على 500 ألف فلسطيني كدت أعرف كل من التقيته من الفلسطينيين دمهم لهجتهم نظرتهم تقول أنا فلسطيني ونفس الشيء في فنزويلا التي يزيد عدد الجالية الفلسطينية هناك على 80 ألف فلسطيني.الأمر نفسه في هندوراس التي يزيد عدد الفلسطينيين فيها على 150 ألف فلسطيني وفي البرازيل التي يزيد عدد الجالية الفلسطينية على 60 ألف فلسطيني وفي بوليفيا والبيرو وكولومبيا وبنما وجواتيمالا هناك جالية فلسطينية كبيرة يتم تمييزهم عن كل جاليات العالم.. فهم جميعاً من طين واحد ينبت الميرمية في جبال رام الله والجليل.. ويفطر على قرص زعتر في نابلس ورام الله وكم حاول محمود درويش أن يقنع الصهاينة ألا يتعبوا أنفسهم ويصدروا القوانين لجمع اليهودي الروسي مع اليمني والبولوني مع الفلاشا ويهودي منهاتن مع يهود العراق.
اذهب إلى مدنهم سوف تعرف هوية كل منهم فهم من شتات الأرض، ولا علاقة لهم بأرض فلسطين.. وكما يقول خالد الكاتب الفلسطيني في السويد «كيف يمكن إقناع شتلة مريمية في الجليل بـ«يهودية الدولة».
وما علاقة «الخبيزة» بخبز مصة؟.. والعكوب بـ«يعقوب؟» والجليل بـ«جلعاد»؟.. وكيف لعرق أو طلق زعتر أن يقبل التمييز العرقي..؟ والهوية باليهودية؟
وأحاول أن أتخيل الخال عبدالله الذي بقي في عكا مع عم عيسى الذي بقي في الناصرة أنهما يهوديان، وابن عمته وعمتي في «كفر كنا» يجدّل خصلات شعره على طريقة حاخام يهودي.
صعب تزبط يا سيد نتانياهو.. لا تحتاج الهوية إلى قانون لتعبّر عن هويتها.. ولا يمكن لعصفور من عصافير الجليل أن يغرد بالعبرية، ولن يصيح ديك فلسطيني في مجد الكروم إلا بالفلسطيني الفصيح،
ولا يمكن لقرص فلافل في عكا، إلا أن ينفخ صدره مزهوا بفلسطينيته، ولن يسخن مسخن في سخنين إلا في مطبخ فلسطينية، ولا يمكن لثوب مطرز بغير نقوش كنعانية أن يرقص الدلعونا، ولا يمكن لظريف الطول أن يسرّح شعره إلا في مسرح السرايا في يافا ولن «ينط» من فوق سور عكا إلا فلسطيني، ولا يحلو لفلسطيني في بيت لحم إلا الشواء على فحم من أم الفحم، ولا تأكل حيفا «العلت» إلا من عتليت، ولا يُجنى الزيتون إلا في جنين ويعلب زيته في عيلبون!
لا تحاول يا سيد نتانياهو.. لا يمكن ترجمة نسمة فلسطينية إلى العبرية.. هذا الهواء يتنفس الهوية الحقيقية.. ولا يمكن للزعتر البري والطيون والسريس، إلا أن يفوح بعبيره الفلسطيني.أيها العبراني العابر في وطن مقيم أيّها المزور الغريب عن شجرة حور في «يازور» وصفصافة في «صفوتة»!
أنت لن تكون إلا صدفة في صفد في بلاد كل مواعيدها لم تكن يوماً أرض الميعاد..
لا تحتاج الهوية إلى قانون لتعبّر عن هويتها!
نعم أخي خالد.. والله إذا عرف نتانياهو الفقيس والسيسعة ويعرف المسخن والمقلوبة لنقول له لكم يهوديتكم.. وأجزم أنه لم ولن يكون فلسطينياً إلا من انتجه صلب يمتد إلى عدنان أو قحطان.. فارحل نتانياهو.. فالوعد مع الود.. والوعد قريب.
كلمة مباحة
افتحي رحمك يا فلسطين، فالمولود القادم من صلب من يرضع الزعتر مع حليب أمه!!
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
22/07/2018
1530