+ A
A -
لا شك أن حلم كل قـلبين تحابا أن يتوجا حبهما حتى وإن طالت مدته بالـزواج الذي يتحدان فـيه لتكوين عائلة، إلا أن الانطباع السائد لدى كـثير من الناس، أن الحب في زماننا هـذا لا يصمد كثيرا بعـد الزواج فـتتحول الحياة فـيه إلى قالب جامد تحده الرتابة والروتين الممل، ووقع الحياة اليومية بظـروفها وتكاليفها المعـيشية الصعـبة ولهذه الأمور بالطبع أسباب ودوافع قـد تؤثر عـلى الحياة الـزوجية الـتي كان يتخيلها كل منهما عـشاً ورديا هانئا سعـيدا بعـيدا عـن المشاكل الاجتماعـية والظروف الحياتية اليومية، ولكن يبقى السؤال الذي يطرح نفسه وبقوة: «هل ينتحر الحب بعـد الزواج».؟ ثمة أمور تكون خافـية عـلى الطرفـين قـبل الـزواج تطفح فـيما بعـد عـلى السطح تؤدي إلى ذلك الفتور والجمود، من هـذه الأمور: التغـيير المفاجئ في العاطفة بين الطرفـين ويصبح للعـقل دور أكبر عـلى عكس ما قـبل الـزواج، ولأن الحـب «أعـمى» كما يقال، ينظـر كل طـرف للآخـر عـلى أنه «ملاك» له صفات مختلفة عـن كل البشر قـبل الـزواج، ويفاجأ كل طرف بأن الطرف الآخـر إنسان عادي مثله مثل أي إنسان آخر يحمل صفات الخير والشر وقابل للخطأ، أمر آخـر هام أيضا يجب ألا نغـفل عـنه وهـو الحالة الاقـتصادية وسعي الطرفـين لتحقـيق حياة زوجية سعـيدة بعـيدة عـن المشاكل الاقـتصادية، الأمر الذي يجعـل كل طرف بعـد الـزواج يهتم بعـمله أكثر لزيادة دخله، سبب ثالث هام أيضا وهـو شعـور المرأة بالاستقـرار والأمان بعـد الـزواج مما يجعـلها تهمل اهـتمامها بنفسها كما كانت أيام الخطوبة وسنوات الزواج الأولى، مما يؤدي إلى فـتور العلاقة العاطفية بينهما، مسألة أخـرى تؤثر عـلى الحب بعـد الزواج وهي حـب السيطرة والأنانية من كل طـرف عـلى الآخـر، صحيح أن الحب تغـلفه الأنانية ولكن في حدود المعـقول.
هـناك من يقول إن الحب الحقـيقي يولد بعـد الزواج وليس قـبله لأنه يزداد بحكم الأيام والعـشرة والمرأة عـموما لديها الاستعـداد للعـيش حياة حسنة وطيبة وهادئة ومستقرة مع الرجل، لكن المشكلة تكمن في الرجل، البعض لأنه متقلب المزاج بشكل سريع، وهـناك من يعـتقد أن الزواج يقـتل الحب، لذلك عـلى المرأة نسيان ما سمعـته من الكلمات الجميلة والعـذبة وما أحست به من المشاعـر الـرقـيقة الـتي تداعـب فكرها بين الفينة والأخرى، هـذا هـو الواقع الذي يجب عـلى المرأة أن تعـرفه فالرجل، ليس كل الرجال طـبعا، بعـد الـزواج بفـترة قـد تكون سنة أو أكثر قليلا يحن للعـودة إلى أيام العـزوبية وحلاوتها وشقاوتها ويقول: «ألا ليت العـزوبية تعـود يوما ً فأخبروها بما فعـل الزواج»، حتى وإن كان متزوجا من أجمل جميلات الكون وتحمل أعـلى الدرجات العلمية وذات ثقافة عالية واجتماعـية وذات حسب ونسب وتتبوأ عـلى المناصب (عـينه بتزوغ لا محالة) وأحيانا يسقط في شر أعـماله، ويتعـرف عـلى امرأة لا تـتمتع بأي شيء من الجاذبية لا في الثقافة ولا في الشكل ورغم ذلك يميل إليها فقط من أجل «الـتغـيير» لأن الـرجل متقـلب المزاج حتى في آرائه الشخصية وهـنا مكمن الخطورة حـيث لا تعـرف المرأة ماذا يريد هـذا أبو عـيون زايغة وماذا يعجبه، وهـناك رأي ثالث يقول: إن الحـب يزداد قوة بعـد الـزواج يوما بعـد يوم، حتى يصل الـذروة عـنـد سـن الشيخوخة بين الزوجين ويخافان عـلى بعـضهما أكـثر مما هـما شباب، لأنهما يبقـيان وحدهـما بعد أن يتزوج الأبناء ويستقل كل واحد منهم بحياته الخاصة.. ويبقى في النهاية شيء واحد وهـو أنه ينبغي عـلى الطرفـين معـرفة ماذا يريد كل طرف من الآخر حتى يتسنى لكل منهما المعايشة في جو عائلي يسوده الحب والاهتمام والوئام والاستقـرار والاحترام.
بقلم : سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
25/07/2018
3000