+ A
A -
تأثير وسائل التواصل الاجتماعي ذو حدين، الإيجابي والسلبي، المفيد والسيئ. ولا ينكر متابع تأثيرهما على الرأي العام بمختلف الأعمار والعقول، بل غدت أسرع وسيلة لإيصال الرسائل والتأثير الجماهيري وحشد الجموع ونشر الحقائق والأكاذيب.. وممارسة أشكال من غسل الأدمغة وشراء الذمم وغيرها.. وأصعب أو أخطر تأثير لها في عدم فهم وتأمل العقول لما يكتب وينشر! أو إعادة التغريدة دون فهم! أو التعقيب بحماقة وسطحية لا يراد منها إلا طلب للشهر دون التفكير في عواقب الأمور..!
ولنا في الأحداث الأخيرة على المستوى العالمي، ومرورا بالأحداث الإقليمية والدولية، ووقوفا لما مررنا به كدولة مِن حصار وأزمة، واستمرار ما يطلق عليهم بطالبي الشهرة أو الذباب الالكتروني وغيرهم ممن جيش له جيوشا لينشر سموم أفكاره! فهناك من جعل له هدفا ورسالة أو أولئك الذين لا هدف لهم إلا الثرثرة والكلمات التي كزبد البحر.
قلة قليلة تلك التي تتصف بالحكمة والاتزان، والعقل والرؤية في فهم الأحداث والتعبير عنها رأيا أو في صورة تغريدات لسرد الحقائق وتبسيطها الذين يجعلون العقل يسلط الضوء في حروفهم دون كبر وتعنت واستعراض عضلات والأهم دون صوت عال وصراخ نسمع نبرته الصارخة من خلال حروف تويتر!!
أسماء لا تفقه بقواعد الكتابة واللغة العربية، وأسماء لم تقرأ كتابا! وأسماء لم تقرأ التغريدة المكتوبة بوادٍ وتسعى للرد بوادٍ آخر..! وأسماء أو ألقاب وأسماء مستعارة وجدت مضيعة الوقت والتسلية بإبداء الرأي في كل صغيرة وكبيرة! في كل موضوع لهم رأي! وكأنهم بالعلوم علماء! وبالقضايا والأحكام محامون وقضاء!.. وبالأدب والشعر نافسوا قيس بن الملوح وجبران ونزار..! جعلوا أنفسهم أكبر المحللين والأساتذة!
ويجهلون أن من يصل ليبدي رأيا مكتوبا أو منطوقا يكون قد درس الموضوع وبحث فيه وفهمه وسأل من هم أهل الاختصاص، وحرص على القراءة وتثقيف نفسه ومجاورة العلماء فهؤلاء من يحق لهم إبداء الرأي والإدلاء برأيهم، ولا يكونوا كأولئك من جعلوا أنفسهم وحلقوا في سماء تويتر كالنحل في كل مكان يحلون على وردة وأعينهم على وردة أخرى زارها وحل عليها غيره ظنا أن أعين المارة عليها!!
أصعب هؤلاء هم المتفلسفون والمتشدقون والمنافقون والمطبلون، والذين نصبوا أنفسهم بعلو صوت أنهم هنا! ورأيهم فقط يقبل الصواب ولا يقبل الخطأ ورأي غيرهم هو الخطأ!!
من سمحوا لأنفسهم بإعطاء الحق في الدخول في الضمائر والنوايا ليفسروها كيفما شاءوا!! ويفرضون آراءهم غصبا وكأنه حكم محكمة ملزم التنفيذ!!
من سمحوا لأنفسهم من خلال إعلانات مدفوعة ومن خلال تغطية هنا ودعوة هناك أن يتكلموا برأي الجميع!!
نوعية هدفها الأول والأخير الشهرة وبريقها والكسب المالي السريع لمبالغ تلمع معها العيون! يجهلون ويغفلون عن أن كل كلمة تكتب ويتفوه بها يحاسب عليها.. فما بالكم بمن يدعون أنهم المصلحون وهم في حقيقتهم هادمون! من يدعون المثالية وهم لا يفقهون بآداب الحوار والنقاش حرفا!
* آخر جرة قلم: من يدعون الرقي والثقافة وهم لا يملكون أبسط مقوماتها من سياسة الحوار وتقبل الاختلاف، ومنهجية إيصال الفكرة والأفكار من خلال تحقيق وبحث وتأكد، ونشرها بأقل الحروف وأبسط الكلمات لجعلها مفهومة للجميع. أصبح معيار تميز ذلك الاسم وتأثيره بحشر اسمه في كل صغيرة وكبيرة وكأنه نصب نفسه متحدثا عن الجميع وبكم يحصد من عدد متابعين!! ويجهلون أن ما يبقى خالدا لأسمائهم ما قدم نفعا وما ساهم بخير، وما قدم نصحا، ومن وجه صوابا، ومن تكلم في الوقت المناسب دون مزايدات واستعراض عضلات ليجد له من أصحاب العقول الصغيرة ورعاع القوم وغوغائهم! لأولئك وللجميع نسأل الله الحكمة والتأني والتأمل والفهم قبل التهور والنطق والانجرار مع كل رأي وقول ومع كل سطر وحرف.. لنسأل ونبحث ونستشير ولنقل خيرا أو لنصمت.. وصدق الله العظيم:
(يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (269)
بقلم : سلوى الملا
copy short url   نسخ
26/07/2018
2646