+ A
A -

في تلك الليلة المظلمة في تاريخ الأمة لم يغمض لنا جفن.. عدت إلى بيتي في شارع الغزالي بمنطقة الفروانية جلست على الشرفة وعلى يساري مطار الكويت.. وأمامي على مد البصر الشويخ جلست على الشرفة.. أرقب وميض المدافع في شمال شرق.. فيما هدأت حركة الطيران بمطار الكويت حتى الصفر
فيما طائرات سمتيه تحلق في مختلف الاتجاهات.. من الفجر هب الناس نحو الجمعيات التعاونية، وكما الجراد فلم يبق على الأرفف أو الثلاجات شيء حتى مواد التنظيف. وهنا أود أن أسجل تقديراً للمسؤولين الكويتيين الذين أداروا الجمعيات والمخابز أثناء الغزو، وتم فتح المخازن وتقديم ما يساعد الناس في مواصلة الحياة..
الساعة العاشرة صباح الخميس 2 أغسطس.. ذهبت إلى مبنى جريدة الوطن لأرى ما يمكن عمله.. كان الجميع يستعد للرحيل.. أخذت أوراقي الخاصة.. رأيت سيارة الملحق العراقي حامد الملا.. توقف أمام جريدة القبس.. لمحني فأشر لي توقفت.. نزلت.. سألني: ألم تسافر؟ قلت: لم تكن مناورات.. كان غزواً.. قال: لا إعادة فرع إلى الأصل.. طلب رقم هاتف بيتي.. ولا أدري لماذا وكيف دونته سليماً له.. فقد اتصل في ليلة صدور النداء يطلب مني أن أعمل بالصحيفة.. اعتذرت فدعاني إلى مكتبه في مبنى وزارة الإعلام الكويتية.. وإلا سيرسل قوة. ذهبت.. فقال: من يرفض العمل معنا تعرف شنو عقابه؟
عدت إلى البيت.. لأسمع نداءات للعودة للعمل.. وأي عمل؟ مع هذه الفوضي وانفلات الحكم والمقاومة.
اتصل بي صديق وقال لي: المحافظ عبداللطيف البرجس أصيب بجلطة فقد كان مريضاً ويعاني أزمة.. ذهبت لزيارته كان يتعافى، لكنه اشر لي بيده أن أمضي فقد كان مراقباً.. ويخشى أن نتعرض لأذى.. غادرت حزيناً.
دق الهاتف الذي بقي يعمل.. ارتعبت.. كان على الخط جاسم المطوع رئيس تحرير الوطن آنذاك- رحمه الله- ليفرحني ويحزنني ويقول: لقد مَنّ الله عليَّ بولد سميته محمد ويقول لي لا تغادر. فيما كان المحافظ ينصحني بالمغادرة.. لا أخفي أن تهديد الملا أخافني، لكن العمل مع الاحتلال مرفوض والتعاون معه جريمة.. فكان قرار الرحيل حتى لا أقع في براثن الملا.. ولقد كان ما جرى للزملاء الصحفيين الذين رضخوا لتهديداته هو ما حسبت له ألف حساب فبعد تحرير الكويت قدموا للمحاكمة بتهمة التعاون مع المحتل وأغلبهم أردنيون من اصل فلسطيني وقد حكم عليهم بالإعدام من قبل محكمة امن الدولة الكويتية وتدخل رئيس وزراء بريطانيا الأسبق جون ميجر وتم تخفيف حكم الإعدام إلى المؤبد.. وعام 1999 توسط العاهل الأردني الراحل الملك حسين بن طلال وهو تحت العلاج في مايو كلينيك بأميركا وكلم حكيم العرب الشيخ صباح الأحمد الذي وافق بإصدار العفو عنهم في ذكرى العيد الوطني.
كلمة مباحة
14 أغسطس الجاري وقبل عيد الأضحى أو ليلته سيتم النطق بحكم إعدام الدكتور باسم عودة نصير الفقراء وزير التموين في عهد مرسي.. فهل تصل الدعوات؟!
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
04/08/2018
1939