+ A
A -
في العام 1965م كان الدولفين بيتر جزءًا من برنامج ناسا التدريبي، وكان الهدف من البرنامج تعليم الحيوانات التواصل عن طريق الإشارات، المهم أن مارغريت كانت الدكتورة المختصة والمشرفة على بيتر، فكانت تقوم معه بكل شيء، من أكل ولعب ونوم وتعليم، واستغرقا حوالي ست سنوات على هذا الوضع، حيث تعلق بها فعلياً إلى أن أحبها، فلم يكن يحب التعامل أو التجاوب مع غيرها، وكان يرفض الأكل من أي شخص آخر غير مارغريت!
وبعد أن انتهى البرنامج، أعادوا بيتر مرة أخرى إلى حديقة الحيوان المائية التي أتى منها وافترق عن مارغريت، وهناك بدأت صحته بالتدهور بسرعة، وفي خلال أسبوعين انتحر بقتل نفسه!
الطبيب البيطري الذي كان يشرف على حالته كتب في التقرير أن بيتر انتحر نتيجة أزمة نفسية لتحطم قلبه بعد مفارقته حبيبته مارغريت!
بيتر الدولفين يوجد منه آلاف النسخ البشرية التي وإن لم تنتحر بعد هجر أحبائها لها إلا أنها تتصرف وكأن حياتها انتهتْ فعلًا، ففي الحقيقة إن الأكل والشرب والتنفس لا تعني أن الإنسان حي، إن الحياة الحقيقية هي إيمان الإنسان بأن له هدفا ورسالة في الحياة!
الحب شيء جميل فعلًا، بل هو أجمل مشاعرنا وأنبلها، ولكني أقول دومًا، مهما أحببت اترك لنفسك شيئًا منك! لا تلقِ بكلكِ في الآخر، لأنه متى غادرك لن يبقى لك شيء! أن تكون عاشقًا لا يعني أن لا يكون لك هدف أو أحلام أو طموح غير الشخص الذي أحببته، إن الآخرين يجب أن يكونوا جزءًا من حياتنا لا حياتنا كلها!
الإفراط في التعلق يكون عادة نتيجة الفراغ الذي نعيشه حيث لا نجد شيئًا نتعلق به سوى الإنسان الذي أحببناه، فنتعلق به كما يتعلق غريق بطوق نجاة متى فقده استسلم للبحر وقال خذني، في الحقيقة يجب ونحن في بحر الحياة أن نؤمن بأيدينا وأنها التي توصلنا إلى الشاطئ أكثر مما نؤمن بالآخرين!
إن حجم تعلقك اليوم، هو حجم جرحك غدًا، فتعلق بالقدر الذي يمكنك العيش بدونه، عش حياتك، وحقق أحلامك، قاتل لأجل أمنياتك، أحبّ بصدق، واعشق، لا شيء يثبت أننا بشر سوى أننا قادرون على أن نُحِبَّ ونُحَبَّ ولكن حذارِ أن تكون حياتك كلها إنسانًا آخر!
قالت العرب:
أحبِبْ حبيبك هونًا فلعك تفارقه
وابغض عدوك هونًا فلعلكَ تراجعه!
إن التطرف في المشاعر دليل على عدم النضج، أعرف أن بعضكم قد يقول لي: يا لكَ من إنسان بارد! في الحقيقة لستُ إنسانًا باردًا ولكن الحقائق جارحة، والناس أحيانًا يكرهون من يوقظهم من أوهامهم!
أحبوا بصدق ولكن بالقدر الذي لا تخسرون فيه أنفسكم!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
07/08/2018
6198