+ A
A -
منذ سنة تقريبًا كتبتُ مقالًا أقول فيه إنني أتمنى أن أصبح أمينًا عامًا للأمم المتحدة، فهي وظيفة مرموقة ولا شيء أفخم من أن تكون الدبلوماسي الأول في العالم، وتدر دخلًا رائعًا، ولا يترتب عليها أي مجهود يُذكر، يكفي أن تُعرب عن قلقك إزاء ما يجري في هذا العالم!
ولكني تنازلتُ عن هذا الحُلم مؤخرًا، وقلتُ في نفسي: لماذا عليّ أن أقلق أساسًا؟! إن القلق متلفة للأعصاب، مقصفة للعمر! ثم ما لي وللناس هذا يتهمني بالتقصير، وذاك بالانحياز إلى جهة ما، ولماذا عليّ أن أجلس لأستمع لخطاب سياسي مدته ساعة في الأمم المتحدة يلقيه سياسي يتلف لي أعصابي!
المهم أني أتطلع الآن إلى وظائف أكثر رفاهية وأقل عناءً وتحقق دخلًا ممتازًا، وقد وضعتُ قائمة بعدد من هذه الوظائف، وأعكف حاليًا على دراستها ريثما أحزمُ أمري!
أعجبتني وظيفة «دانيال فون»، فهو يعمل ناقد مشويات، في مجلة تكساس المحلية، كل ما عليه فعله هو أن يقصد مطعمًا للمشاوي، ويأكل على حساب الصحيفة، ثم يعود إلى بيته ليكتب مقالًا نقدياً عن الوجبة التي تناولها! إنها وظيفة ممتعة حقًا من وجهة نظري إذ أنني أعتبر أن الأكل والكتابة من أجمل متع الدنيا!
وأعجبتني وظيفة «روزين ماديكان»، فهي تعمل في شركة سيمون هوزن للأسِرَّة الفاخرة، وكل ما عليها هو أن تستلقي على السرير الفاخر الجديد الذي تصنعه الشركة لساعات ثم تخبرهم عن تجربتها في الاستلقاء! كان الله في عون روزيف، إنها تستلقي لست ساعات متواصلة لقاء الحصول على راتب ضخم! صحيح أني أحب الأكل والكتابة وأطمح لوظيفة ناقد المشويات، إلا أن الاستلقاء ليس بالأمر السيئ، ويمكنني أن أتنازل وأقبل هذه الوظيفة الشاقة!
أيضًا أعجبتني وظيفة «هاري ويلشر»، فهو يعمل متذوق حلويات! كان الله في عونه عليه أن يتحمل عناء تذوق طعم الكيك الفاخر! صحيح أني لا أحب الحلويات ولا أطلبها عادة إلا أني بإمكاني أن أضغط على نفسي قليلًا وأقبل هذه الوظيفة!
وفي حال لم أوفق بالحصول على أي من الوظائف الثلاث سالفة الذكر، يبقى أمامي خيار وحيد، وهو الحصول على وظيفة «جينارو بيليشيا»، فهو أعانه الله وصبّره يتذوق القهوة التي تعدها سلسلة المقاهي الشهيرة كوستا ويخبرهم عن مدى جودتها وطرق تحسينها! وقد قامت الشركة بالتأمين على لسانه بمبلغ عشرة ملايين يورو! فكما ترون هي وظيفة خطرة، وكان الله في عون «جينارو» فقد يتعرض للسعة من كوب قهوة قد تؤدي إلى إتلاف لسانه!
عمومًا أنا مستعد للمخاطرة وقبول هذه الوظيفة في حال لم أستطع الحصول على وظيفة ناقد المشويات، أو المستلقي، أو متذوق الحلوى، وأواسي نفسي قائلًا لها: لا بأس بمتذوق القهوة ما دام الراتب عاليًا، والدنيا دار مشقة، وأن على الإنسان أن يتنازل قليلًا في سبيل لقمة عيشه!.

بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
26/08/2018
3573