+ A
A -
لم تكن تلك المعارضات تملك أي رؤية سياسية لمستقبل سوريا، لم تستطع فهم التركيبة والمنظومة المجتمعية المعقدة التي اشتغل عليها النظام منذ عقود طويلة، انجرت إلى خطاب شعبوي مدمر بدل من شغلها على رفع سوية جماهير الثورة من حالتها الشعبوية الغريزية، ومثلها مثل الرعيل الثالث، غرقت في مساوئ التمويل والأجندات اللاوطنية، متمسكة بخطاب شكاء وبكاء في المحافل الدولية لا يمكن أن يكون بديلا عن خطاب نظام الأسد الذي عرف كيف يحافظ على توازنه رغم إدراك العالم التام أنه لم يمر على البشرية إجرام يعادل إجرامه.
أما خطاب المثقفين السوريين المساندين للثورة، فهنا الكارثة الكبرى، فقسم دخل في حالة التهافت الشعبوي بحجة أنه منتم إلى الجماهير الثورية، واجدا الذرائع للغوغائية والطائفية والأسلمة والتسليح العشوائي والارتهان للخارج، والغريب أن الغالبية الأعم من هؤلاء ذهبوا مع عائلاتهم إلى أوروبا، يعيشون في بلاد ديمقراطية تحكمها قوانين تجرم التمييز الديني والمذهبي والعرقي، وقسم آخر تباهى بخطاب ثقافي استعلائي شتام، يسعى لإلقاء اللوم كله على الثورة والثوار وعلى الشعب المنتفض، محاولا تبرئة النظام السوري من مسؤوليته الأولى والأكيدة عن كل ما حدث، وقسم آخر وجد نفسه وسط معمعة لا تتناسب مع رؤيته لسوريا فانكفأ وانسحب وانعزل حيث هو يحلم بسوريا بشكل خفي لا يعلم به أحد.
من نافل القول طبعا أن نظام الأسد كنظام مافياوي إجرامي هو المسؤول الأول والأخير عن كل ما حدث، وهو من فتح أبواب جهنم على سوريا، ولكن الحديث عن الأخطاء الكارثية التي وقعت بها الثورة هو ضرورة أساسية في ظل الوضع الحالي، عل الأجيال القادمة أن تنتبه إلى ما حدث وتتعلم من أخطاء آبائها وأجدادها فيما لو تحركت من أجل التغيير، إذ يبدو أن سوريا الأسد باقية وتتمدد على أرض محروقة وشعب ميت.

بقلم : رشا عمران
copy short url   نسخ
29/08/2018
2267