+ A
A -
تأخذنا التكنولوجيا الرقمية في طريق بعيد أعتقد أنه ليس له نهاية، حافل بالمطبات محفوف بالمخاطر، يتوه فيه الغالبية وقد يتساقطون فيخسرون كل ما لديهم، وفي نفس الوقت يخبره الأقلية ويحققون من خلاله مكاسب خيالية.
حديثي إليكم اليوم عما يسمى بالبِيتْكُويِن BITCOIN أو العملة الرقمية، هذه العملة التي بدأت دول كثيرة التعامل بها، مع أنها شبه وهمية وليس لها وجود فيزيائي، أي غير محسوسة كالريال والدولار واليورو والجنيه، ولا يعرف أحد كنهها ولا الجهة التي أصدرتها، خصوصا في عالمنا العربي، فكل من تحدثوا عنها ممن يطلقون على أنفسهم خبراء في الاقتصاد عجزوا عن شرح حقيقتها للبسطاء، فما سمعته منهم مجرد معلومات مبتورة لا تسمن ولا تغني من جوع موجودة على روابط في النت، أخذوا يرددونها على الناس فزادوا الأمور تعقيدا.
ظهرت هذه العملة إلى الوجود لأول مرة عام 2009 وكان البيتكوين الواحد بـ 6 سنتات، ووصل سعره حاليا إلى 19 ألف دولار، فمثلا لو أن أحدا من بيننا استشرف مستقبل هذه العملة واشترى في عام 2009 بيتكوين بـ 100 دولار كان سيبيعه اليوم بـ 31 مليونا و673000 دولار.
خبراء الاقتصاد العرب الذين تصدوا للحديث عن هذه العملة يتحدثون عن سعرها، ولكن لا يجرؤ أحدهم على أن يقول لنا من أين نشتريها وأين نبيعها لأنهم لا يعرفون، وقالوا لنا أيضا إن دولا كثيرة مثل أميركا والصين وبريطانيا والسويد واستراليا تتعامل بها في البيع والشراء، ولم يقولوا لنا ما آلية البيع والشراء هذه، والغريب أنهم يقولون في نيويورك يمكنك أن تدفع رسوم «بارك السيارات» بالبيتكوين!!.
مثلما يتكون الدولار من جزئيات تسمى سنتات والريال من دراهم فإن البيتكوين الواحد يتكون من 100 مليون ساتوشي نسبة إلى شخص مجهول اسمه ساتوشي ناكاموتو قيل هو من أسس هذه العملة ومؤخرا قيل المؤسس رجل يدعى كريج رايت.
أغرب ما في الموضوع كله أنه يقال يمكن لأي إنسان ضليع في التعامل مع الكومبيوتر أن يقوم بإنتاج البيتكوين لنفسه ويبيعه من خلال عملية تسمى بالتعدين، وهي عملية تحتاج لوقت طويل وجهاز كمبيوتر قوي وبرنامج خاص بالتعدين يتم تحميله مجانا من شبكة الإنترنت، حيث يقوم ذلك البرنامج بعدد من العمليات الحسابية المعقدة، وبعد ذلك يتم إصدار العملة، ولعل صعوبة العملية تتوقف على سرعة الجهاز وقوته، إلا أن عملية تداول العملية تجري بين شخص وآخر من خلال مفتاح تشفير.
الموضوع معقد وغير مفهوم وننتظر ممن يفهمه جيدا أن يخرج علينا ويفهِّمُنا إياه جيدا وينبهنا إلى تداعياته على الاقتصاد والأفراد، وبماذا ينصحون؟، هل نتعامل به أم نحذره؟
ذكرني هذا الموضوع المعقد برجل من بسطاء الناس أشار عليه أصدقاؤه أن يشتري ألف سهم من إحدى الشركات المسجلة في البورصة، وأخذوه إلى مبنى البورصة واشترى الألف سهم، وقالوا له عندما يرتفع سعر السهم يمكنك بيعه وتحصل على ربح معقول، وأخبروه أيضا بأن سيأتيه خطاب من البورصة يفيد أن له هذه الأسهم، وبعد فترة وصله الخطاب، فأخذه وذهب إلى البورصة قائلا: لقد وصلني خطاب يفيد بأني أملك ألف سهم لكن لم يصلني شيء من هذه الأسهم!.
لا ندري ماذا يخفي لنا عالم المال والأعمال فخذوا حذركم، وسلامتكم.
بقلم : آمنة العبيدلي
copy short url   نسخ
02/09/2018
2387