+ A
A -
يقولُ أحدُ أصحاب المصانع في كاليفورنيا:
إنَّ أبرع من قابلتهم من الرجال لباقةً هو الرجلُ الذي فصلني من أول وظيفةٍ لي! فقد استدعاني إلى مكتبه، وبدل أن يقول لي لقد قررنا الاستغناء عنك، أنتَ مطرود!
قال لي بأدبٍ جم:
لا أعرفُ يا بُني كيف يمكننا أن نعمل من دونك؟ ولكننا سنحاول ذلك ابتداءً من الإثنين المقبل!
اللباقة في المُعجم من «لَبُقَ» أي لانتْ أخلاقُه وحَسُنَ كلامُه. ومفهومها اليوم قريبٌ جداً مما هو في المعجم. وإن كان لها مفهوم أوسع عند الناس يسميها بعضهم «الإتيكيت»! وهي كلمة فرنسية الأصل معناها قريب من الذوق لغةً، أما اصطلاحاً، فهي احترام النفس واحترام الآخرين، أو الآداب العامة في التعامل مع الأشياء!
ومهما يكن من أمرٍ، فاللباقة أو «الإتيكيت» مفهوم أوسع من الأكل بالشوكة والسكين! إنها مسألة أخلاقية بالدرجة الأولى قبل أن تكون مجرد مظاهر فارغة تفوح منها رائحة التكلف والاستعلاء! وبعيداً عن تعقيدات الألفاظ والتعاريف والمصطلحات هي غاية في السهولة، تريدُ أن تكون لبقاً كُنْ إنساناً! تخيّرْ ألفاظَكَ وحافِظْ على ردّات أفعالك!
كان عكرمة بن أبي جهل من أشرس أعداء الإسلام في الجاهلية، وكان أحد العشرة الذين أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماءهم يوم فتح مكة، وقال: اقتلوهم ولو رأيتموهم متعلقين بأستار الكعبة! ولكن صفيّة بنت عبد المطلب أجارتْ عكرمة فقبل سيدنا جوار عمته وعفا عنه! وعندما علمَ أن عكرمة سيدخلُ عليه مسلماً، قال لمن حوله: سيدخل عليكم الآن عكرمة بن أبي جهل مسلما، فلا تسبوا أباه!
وانظروا إلى هذه اللباقة، أبو جهل فرعون هذه الأمة الذي أذاق المسلمين صنوف العذاب، ينهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُشتم مراعاةً لمشاعر ابنه! وعلَّلَ أن السُّباب لا يصل إلى الميت ولكنه يؤذي الحي!
كان من عادة فاروق أمتنا أن يتفقد الناس ليلاً، وفي إحدى جولاته التفقدية على رعيته رأى ناراً من بعيد، فاتجه صوبها يريدُ أن يعرف خبر الناس الذين عندها، ولما وصل إليهم، حياهم قائلاً: السلام عليكم يا أهل الضوء! من فرط أدبه ولباقته كره أن يقول لهم يا أهل النار، مع أنهم أهلها بمعنى أصحابها الذين أوقدوها، ولكنه اختار أجمل صفات النار، وهو انبعاث الضوء منها في الليل، ونادى الناس بأجمل صفات نارهم!
ومما يُروى في هذا الباب أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة كانا طفلين صغيرين يوم شاهدا رجلاً كبيراً في السن لا يُحسن الوضوء، فأرادا أن يعلماه كيف يتوضأ دون أن يجرحاه نظراً لفارق السن بينه وبينهما!
فقال له الحسن: يا عم، اختصمتُ وأخي أينا يجيدُ الوضوء أكثر من الآخر، ونريدك أن تحكم بيننا!
فقال الرجل: على الرحب
فقام الحسن فتوضأ، ثم قام الحسين فتوضأ
فقال الرجل لهما: واللهِ إن كليكما يتوضأ أحسن مني!
ولا غرابة في لباقة الطفلين وأدبهما وهما ابنا فاطمة وعليّ، وتربيا في حجر جدهما عليه الصلاة والسلام.
بقلم : أدهم شرقاوي
إنَّ أبرع من قابلتهم من الرجال لباقةً هو الرجلُ الذي فصلني من أول وظيفةٍ لي! فقد استدعاني إلى مكتبه، وبدل أن يقول لي لقد قررنا الاستغناء عنك، أنتَ مطرود!
قال لي بأدبٍ جم:
لا أعرفُ يا بُني كيف يمكننا أن نعمل من دونك؟ ولكننا سنحاول ذلك ابتداءً من الإثنين المقبل!
اللباقة في المُعجم من «لَبُقَ» أي لانتْ أخلاقُه وحَسُنَ كلامُه. ومفهومها اليوم قريبٌ جداً مما هو في المعجم. وإن كان لها مفهوم أوسع عند الناس يسميها بعضهم «الإتيكيت»! وهي كلمة فرنسية الأصل معناها قريب من الذوق لغةً، أما اصطلاحاً، فهي احترام النفس واحترام الآخرين، أو الآداب العامة في التعامل مع الأشياء!
ومهما يكن من أمرٍ، فاللباقة أو «الإتيكيت» مفهوم أوسع من الأكل بالشوكة والسكين! إنها مسألة أخلاقية بالدرجة الأولى قبل أن تكون مجرد مظاهر فارغة تفوح منها رائحة التكلف والاستعلاء! وبعيداً عن تعقيدات الألفاظ والتعاريف والمصطلحات هي غاية في السهولة، تريدُ أن تكون لبقاً كُنْ إنساناً! تخيّرْ ألفاظَكَ وحافِظْ على ردّات أفعالك!
كان عكرمة بن أبي جهل من أشرس أعداء الإسلام في الجاهلية، وكان أحد العشرة الذين أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماءهم يوم فتح مكة، وقال: اقتلوهم ولو رأيتموهم متعلقين بأستار الكعبة! ولكن صفيّة بنت عبد المطلب أجارتْ عكرمة فقبل سيدنا جوار عمته وعفا عنه! وعندما علمَ أن عكرمة سيدخلُ عليه مسلماً، قال لمن حوله: سيدخل عليكم الآن عكرمة بن أبي جهل مسلما، فلا تسبوا أباه!
وانظروا إلى هذه اللباقة، أبو جهل فرعون هذه الأمة الذي أذاق المسلمين صنوف العذاب، ينهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يُشتم مراعاةً لمشاعر ابنه! وعلَّلَ أن السُّباب لا يصل إلى الميت ولكنه يؤذي الحي!
كان من عادة فاروق أمتنا أن يتفقد الناس ليلاً، وفي إحدى جولاته التفقدية على رعيته رأى ناراً من بعيد، فاتجه صوبها يريدُ أن يعرف خبر الناس الذين عندها، ولما وصل إليهم، حياهم قائلاً: السلام عليكم يا أهل الضوء! من فرط أدبه ولباقته كره أن يقول لهم يا أهل النار، مع أنهم أهلها بمعنى أصحابها الذين أوقدوها، ولكنه اختار أجمل صفات النار، وهو انبعاث الضوء منها في الليل، ونادى الناس بأجمل صفات نارهم!
ومما يُروى في هذا الباب أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة كانا طفلين صغيرين يوم شاهدا رجلاً كبيراً في السن لا يُحسن الوضوء، فأرادا أن يعلماه كيف يتوضأ دون أن يجرحاه نظراً لفارق السن بينه وبينهما!
فقال له الحسن: يا عم، اختصمتُ وأخي أينا يجيدُ الوضوء أكثر من الآخر، ونريدك أن تحكم بيننا!
فقال الرجل: على الرحب
فقام الحسن فتوضأ، ثم قام الحسين فتوضأ
فقال الرجل لهما: واللهِ إن كليكما يتوضأ أحسن مني!
ولا غرابة في لباقة الطفلين وأدبهما وهما ابنا فاطمة وعليّ، وتربيا في حجر جدهما عليه الصلاة والسلام.
بقلم : أدهم شرقاوي