+ A
A -
يقول بيل غيتس:
رسبتُ في بعض المواد في الجامعة، فيما نجح صديقي في تخطيها كلها، صديقي الآن مهندس في شركة مايكروسوفت، أما أنا فأملك الشركة!
في الحقيقة هذا قول قديم لبيل غيتس، ولم أنبشه الآن لأخبركم أن الرجل قد غيَّر أقواله، وأنه يتمنى لو كان تخطى كل مواده الجامعية ويصبح مهندساً في مايكروسوفت بدل أن يرسب في بعض المواد ويكون مالك الشركة! وإنما نبشته لأخبركم أنه يوم قال هذا القول طار الناس به وأخذوا يتناقلونه في سياق: «بللوا شهاداتكم الجامعية واشربوا ماءها» بيل غيتس شخصياً كان يرسب!
الأمر نفسه يتكرر اليوم، فقد تم الكشف مؤخراً أن الراحل ستيف جوبز المدير التنفيذي السابق لشركة آبل حصل على معدل تراكمي «2.5» أثناء تعليمه السنوي! وأيضاً طار الناس بها، وهم يتناقلونها في سياق: لتنفعكم المعدلات التراكمية العالية، ستيف جوبز شخصياً كانت علاماته متوسطة!
شخصياً أرفض وزن الناس بعلاماتهم الدراسية، وأعترف أن النجاح في الجامعات شيء والنجاح في الحياة شيء آخر، ولكن بالمقابل أرفض فكرة الاستهتار بالتفوق والتميز والإتيان بأمثلة نادرة وضئيلة تحدث كل مائة سنة مرة واحدة لإثبات فكرة أن المتفوقين في الجامعات فاشلون في الحياة! وإذا كان أصحاب هذا التوجه يحتجون ببيل غيتس وستيف جوبز فمن السهل أن نقول لهم حسناً كم عدد الذين رسبوا في الجامعات وأصبحوا يملكون شركات كمايكروسوفت، وكم عدد الذين كانت معدلاتهم التراكمية متوسطة واستطاعوا تحقيق ما حققه ستيف جوبز؟!
القياس على حالات نادرة وجعلها قواعد عامة للحياة خفة عقل، كالذي يرى صديقاً له قد طلق زوجته فصار أكثر سعادة، فخرج بقاعدة إذا أردتَ أن تسعدَ طلقْ زوجتك! لا أنكر أن أشخاصاً يصبحون أسعد بعد الطلاق ولكن الملايين تصبح حياتهم جحيماً بعده فلماذا نعمم الواحد على الكل، بدل أن نقول أن لكل قاعدة شواذ؟!
لا أريد أن نقدس العلامات الجامعية وبالمقابل لماذا علينا الاستهتار بها، وهذا يحدث أغلب الأحيان لتبرير الفشل في تحصيلها!
والشيء بالشيء يُذكر فإن جيف بيزوس مؤسس شركة أمازون والذي صُنِّف مؤخراً كأغنى رجلٍ في العالم بثروة تقدر بمائة وأربعين مليار دولار متخرج من جامعة برنستون بامتياز مع مرتبة الشرف!
صحيح ما يقوله أصحاب فكرة التقليل من شأن العلامات والشهادات أن 11 %من أثرى أثرياء العالم لم يتخرجوا من الجامعة.
ولكنهم بالمقابل لا يقولون أن 45 %منهم تخرجوا من أفضل الجامعات في العالم!
لا الرسوب في الجامعات عامل في تحقيق النجاح والثروة، ولا النجاح والتفوق عائق، كل هذا عائد إلى شخصية الإنسان، وفهمه للحياة، ومغامرته، واستثمار قدراته، أما أن نزرع في أذهان هذا الجيل أن العلامات الدراسية والتفوق حبر على ورق فهذا استهتار وسطحية ليس إلا!.

بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
09/09/2018
4719