+ A
A -
في المجمع السكني الذي أقيم في منطقة عين خالد والذي يضم أكثر من 200 وحدة سكنية يوجد تنوع سكاني من حيث الجغرافية البشرية، فهناك الإنسان الأبيض والأسود والأسمر والأصفر يمثلون القارات الخمس القديمة اوروبا وإفريقيا وآسيا والأميركتين الشمالية والجنوبية اضافة إلى القارة السادسة - اقيانوسيا «استراليا ونيوزلاند»، نلتقي في الشارع وفي البقالة وفي الجامع، نتلقى التحية من الصيني بطريقته والياباني بطريقته والسلام عليكم الإسلامية، باتت هي اللغة المشتركة وأصبح المجمع أنموذجا للتعايش بين الجيران، لا نسأل عن دين الانسان أو معتقده، فهذا مسلم، وهذا بوذي وهذا مسيحي والأغلبية الإسلامية لم تفرض على باقي السكان طباعها أو معتقدها كما لم تحاول ان تعلن العائلة المسيحية أو البوذية أو الدرزية ان تظهر معتقدها، نذهب ونشارك في عزاء المسيحي والمسلم والطوائف الاخرى فالكل يعمل تحت مظلة القانون القطري الذي يوفر الحماية للعمل والمعتقد، هذا ما قلته في جلسة حوار بالعاصمة الأردنية عمان، بعد الجدل الذي دار حول الترحم على ميت مسيحي عازف قيثار مات مع مجموعة من أترابه في حادث أليم. قلت هذا الجدل ما كان يكون في زمن الآباء والأجداد الذين ورثوا التسامح من نبينا الكريم محمد بن عبد الله ومن رسولنا الأجل عيسى بن مريم وتجلى في العهدة العمرية بين عمر بن الخطاب والبطريرك صفرانيوس، فكان آباؤنا يخرجون في جنازات الموتى من مسيحيين ومسلمين. وكان الطالب المسلم في المدرسة المسيحية كما الطالب المسيحي في المدرسة الإسلامية يحضران حصتي اللاهوت والشريعة الإسلامية معا، مع أن المعلم كان يخير الطالب المسيحي اذا كان يرغب حضور حصة الدين الإسلامي وقلة منهم كانوا يغادرون. وكذلك الطالب المسلم فكانت الشريعة الإسلامية ثقافة للطالب المسيحي ليتعايش بها في مجتمع مسلم، وثقافة للطالب المسلم للتعايش في مجتمع مسيحي، 
في لقاء مع نايف حواتمه - رئيس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين- أجريته لصحيفة الوطن في أواخر عام1998 سألته ما الذي دفع برجل مسيحي إلى تشكيل حركة ثورية لتحرير فلسطين؟ فقال: التعايش المشترك الذي جمعنا كأسرة واحدة كأبناء وطن واحد وان فلسطين لنا جميعا مسلمين ومسيحيين، والعضوية في منظمتي للمسلم قبل المسيحي. 
فلماذا إذن هذا الحقد على الطوائف وعلى الانسان، ومتى بدأ هذا الحقد الذي أسال الدم في الحواضر والبوادي العراقية والشامية؟ 
البعض يعلق شماعة «الحقد» على الغرب، وآخر على الشرق، وثالث على أنظمتنا، وننسى ان نبحث عن السبب في أنفسنا التي تحتاج إلى علاج من ذاتنا.
كلمة مباحة
«سرقت دموعنا يا ذئب.. تقتلني، وتسرق جثتي.. وتبيعها!»
محمود درويش
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
09/09/2018
1606