+ A
A -

ربع قرن مضى لتحل ذكرى اتفاقية أوسلو التي كان مهندسها محمود عباس ومن ابتلع إهانتها الرئيس ياسر عرفات رحمه الله.
قبل ربع قرن تسمرنا أمام التلفاز نراقب ما يجري على منصة توقيع الاتفاقية التي كان يقف عليها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون والرئيس المصري المعزول حسني مبارك ورئيس وزراء إسرائيل المقبور رابين ووزير خارجيته المقبور شمعون بيريز، والمرحوم ياسر عرفات وطاولة وكرسي لتوقيع الاتفاقية.. شاهدنا الرئيس عرفات يتقدم للتوقيع على الاتفاق، لكنه يرفض التوقيع على الخرائط الملحقة به، وعندما تقدم رابين للتوقيع قال له يوئال سينجر، وهو المحامي الذي صاغ الاتفاق وفاوض الفلسطينيين عليه، إن عرفات لم يوقع على الخرائط، حينها استدعى رابين بيريز وقال له إن عرفات لم يوقع فاتفق الاثنان ألا يوقع رابين أيضا.
الموقف محرج، الزعماء على المنصة، العالم كله يصور، يوثق، ويسجل، مبارك يريد أن يكون عراب الفلسطينيين، رابين يواجه حملة انتقادات شنيعة شنها ضده نتانياهو وأقسم أن يفجر الاتفاق، بيريز يريد أن يحصل على جائزة نوبل للسلام، هنا جرت مفاوضات أسرع من مراثونية على المنصة، تصدرها مبارك بغضب لينعت الرئيس عرفات بـ«يا ابن الكلب».
فيعود الرئيس عرفات إلى الطاولة، ويوقع، ليحمل في صدره إهانة قتلته ودفن سر إهانته معه.. ولا يعلمه إلا من هندس الاتفاق أبومازن.
لقد كانت اتفاقية أوسلو مشؤومة بحجم شؤم وعد بلفور فإذا كان ذاك أعطى الصهاينة وطناً فهذه الاتفاقية تعطيهم اعترافاً ولا يقدم للفلسطينيين سوى سلطة هزيلة قوتها في التنسيق الأمني لمنع أي عملية فدائية ضد المحتل الصهيوني.
وقد قال محمود درويش عن الاتفاق: «إن هذا الاتفاق ليس عادلاً؛ لأنه لا يوفر الحد الأدنى من إحساس الفلسطيني بامتلاك هويته الفلسطينية، ولا جغرافية هذه الهوية إنما يجعل الشعب الفلسطيني مطروحاً أمام مرحلة تجريب انتقالي.. وقد أسفر الواقع والتجريب بعد ثلاث سنوات عن شيء أكثر مأساوية وأكثر سخرية، وهو أن نص أوسلو أفضل من الواقع الذي أنتجه هذا النص».
وصدق درويش فقد جاء أميركا رئيس ألغى أوسلو بما اتخذه من إجراءات فقد ألغى حق اللاجئين بالعودة.. واعترف بالقدس عاصمة وأغلق مكتب منظمة التحرير في واشنطن الذي منحه كلينتون مكافأة للفلسطينيين على أمل أن يحول لسفارة.
اتفاقية أوسلو.. بعد ربع قرن تحتاج إلى إعادة نظر ولتعرض على استفتاء شعبي فلسطيني شامل في الداخل والشتات.. وليكن هناك البديل.
كلمة مباحة
في البدء وفي الوسط وفي الخاتمة ليس هناك إلا المقاومة.
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
12/09/2018
1834