+ A
A -
تَسقط العربية؟! أم تَبكي؟! أم تراها تَحمل حقيبتَها، غير مَأْسُوف على صُنَّاعِ فَشَلِها، وتُغادِرُ قنواتِ التَّواصُل، في غياب مَنْ يُصَفِّق لها بِشِفَاه الرضى أو يَنظر إليها بعَين التفاؤل؟!
لا نَتَحَدَّث عن محطة إرسال، لكننا نَتحدث عن سَيِّدَة الضوء، نعم، صَدِّقْ يا صديقي، إنه الضوء الذي عَبْرَه، فقط، تَتَدَفَّقُ الحرارةُ مِن قلبي إلى قلبِكَ، فإذا بِفَوَرَان إبريق شاي الحُبّ يُعيدُ إلى أَلْسِنَتِنَا التَّوازُنَ، ويَقول لنا بِمُنْتَهَى اليَقين: نَحْنُ بِخَيْر..
ماذا أَقُولُ لَهُ وهُوَ يَكتب لي بالْحِبْرِ العَرَبِي عن ثورة الإحساس ذاك الذي تَشْتَعِل لَهُ الأنفاس الهائمة بعيدا عن تَفَاهَة ما يَنْشَغِلُون به في دُنيا الناس؟!
ماذا أَقُولُ لَهُ وهو يَكْتُبُ لي بالحِبر العَرَبي عن بُرْكان الرغبة في امتصاص لحظات السكون الهاربة مِنْ معطف العُمْرِ الأمَّار بِنِسْياني مُعَلَّقَة على عَمود الانتظار؟!
ماذا أَقُولُ لَهُ وهُوَ يَكْتُبُ لي بالْحِبر العربي عن اشتهاءات النَّفْس الطَّامِعة في جَلال الْمَعْنَى الْمُطِلّ مِن شُرْفَة قميص الحُبّ وكُلّه أَمَل في وصال تَذُوبُ فيه النَّظرة الحالِمة بِمَوْعِد على سرير الشَّوْقِ؟!
ماذا أقول لَه وماذا أقول لَه..؟!
أَحْلَى الكلام ما كَتَبَتْهُ الأصابع الثَّمِلَة مِنْ فرط مُعاقَرَةِ كأسِ لُغَةٍ عربية بِنَكْهَة العِشق، خارج أَسْوَار الْمَمْنُوع على القلب، أو قريبا مِنْ مَآذِن الاعتراف بِلَسْعَة عقرب الْحُبّ..
أَرَقّ الشِّفاه تِلْكَ التي تَلَفَّظَتْ بِكَلِمَة حُبّ، بَعْدَ مُسَلْسَل مِن الرسائل التي تَمَدَّدَتْ فيها اللغةُ العربية كَعَرُوس البحر الواعدة باستلقاء على لحاف الرمل الذهبي الْمُعادِلَة لَهُ الْمَشاعِر..
أَرْوَع العُيون تلك التي اغْتَسَلَتْ بِمَاءِ بَحْرِ اللغة العربية القَاضِي بِإقْبَار كُلّ سِحْر دَفين يَحُول دون وُصول العَين إلى لَذَّة الاحتماء بِمظلَّة الْحَرْف مِن وابل حِجارة الدَّخيل مِن الكلام الجافّ الذي يَسْقُط، فكيف لا يَسقط الانتشاءُ به عند رصيف العَجز عن احتواء جَسَدِه الْمُنْفَلِت انْفِلاَتَ شَظِية خانَتْها شَجَرَةُ النار الباردة!..
هُزال شديد تُعاني منه اللغةُ العربية في أيَّامِنا هذه بعيدا عن مُقَوِّيات الإحساس بِمَأْزِقِها الْحَرِج، هُزال ضَاعَفَتْ مِن حِدَّتِه هَشاشَةُ عِظام الحُبّ غير الْمُتَبَادَل في ما بيننا..
لِتُحِبَّنَا اللغةُ علينا أن نَمُدَّ لها حَبْلَ الْمَوَدَّة، ونُخْلِصَ لها الوَلاءَ، ونَنْتَصِرَ لها إن شِئْنا أَنْ يَنْتَصِرَ صَوْتُنا ونَقْوَى على أنْ نُؤَثِّرَ في الآخَر لا نَتَأَثَّرَ بِهِ فَحَسْب..
قُوَّتُنَا في لُغَتِنا.. اَلْمُوالاةَ، الْمُوالاة لا الْمُجافاة..
نافِذَةُ الرُّوح:
- «مَا أَقْصَرَ فُسْتَانَ الحقيقة الْمُزَيَّفَة!».
- «سِباق ماراثوني يَنْهَزِمُ فيه القلبُ بعد منافسة غير شريفة يَتَقَدَّمُ فيها العقلُ الحالِفُ ألاَّ يَسْقُطَ تَحْتَ حِذاء الزمن».
- «ثَوْبُ الصَّمت النَّاصِع البَياض ما عادَ يَلِيقُ باتِّخَاذِه كَفَناً لِلْحَقّ».
- «سَأُسَمِّي حِرْصَ الحُرَصَاء على رَضْعِ حَليبِ الأَرْض مَهْزَلَةً لا بُطولة فيها إلا لِحَفَّاظات أَرْذَلِ الْعُمْر».
- «أَيْنَكَ يا كبيرَ مَرَدَةِ الشياطين الْخُرْس لأقولَ لكَ خُذْنِي في جولة إلى مدينة الضَّمير النائمة على ساحِلِكَ الشَّرقي؟!».
- «تَعِبْتُ، تَعِبْتُ منكِ يا مِسْطَرَةَ القانون الرافِضَة أن تَنْزِلَ إلى الهامش».
- «نَجمةٌ شاردة تَحْرُسُ قِطارَ اللَّيل أَراها تُوَشْوِشُ شَمْعَةً يَخُونُها الاشتعالُ: لا عَلَيْكِ يا جَارَتي في شارع الضَّوء وَدَعِيني أُدَاوِي وَجَعَكِ البَاكي بِقَصيدةِ حَنين مُمْطِرَة».

بقلم :د.سعاد درير
copy short url   نسخ
20/09/2018
2979