+ A
A -

كان يتصل بي على فترات متقطعة صديقي وأخي التركي، الحبيب الجميل، عدنان أصلان، عن طريق الواتساب الصوتي، وأحياناً أخرى عن طريق الاتصال المباشر، يحفزني ويرغبني لقضاء عدة أيام في اسطنبول لمشاهدة الجمال والدلال وتذوق أطباق الطعام والاستماع إلى الجديد من الأخبار والكلام، وما شاهدته إلا ضاحكاً، وما سمعته إلا متفائلاً، شخصية هاشة باشة للانبساط والاستمتاع والفرفشة والأنس! البعض يقول الأتراك أشكالهم «كجلمود صخر حطه السيل من عل» وأنا أراهم غير ذلك تماماً، فمواقفهم مع القضايا الإسلامية والعربية والخليجية مشرّفة، وتعتبر مفخرة للمسلمين والمضطهدين والمهجرين في الأرض، حتى قانون تعديل شروط منح الجنسية التركية للأجانب مقابل شراء العقار والتشغيل والاستثمار والإيداع في البنوك التركية والذي صدر من قريب مريح ومنطقي وسلس، السفر إلى تركيا هبة الله في حد ذاته متعة وأنس وبشر وفرح، في البرد تغرق بالثلوج، والثلوج يعشقها محبو التزحلق على الجليد، أما أنا شخصياً فأنشد الفراش والتغطي باللحاف، فالبرد والثلج هناك قارس يلسع كل شيء وييبس ويجمد كل شيء، ولا يجعلك تفكر، ولا تفعل شيئاً يذكر، إلا الاختباء في الفراش، أو التدثر بالحلال، في موسم الثلوج في تركيا كل يتزلج على طريقته، الرياضيون على الجليد المتجمد، والآخرون على الفراش، شتاء تركيا، الثلوج من فوقك ومن تحتك وعن يمينك وعن شمالك وفي قلبك، هناك تتنفس جليداً، وأنا أحب الدفء وأنشد الدفء لأنني تعبت من البرود في المشاعر وفي العواطف وفي كل شيء! نحب تركيا لحبنا لمواقفها القومية المشرفة، ونصرتها للقضايا العادلة، وفزعتها واستبسالها للمدافعة عن الحق والعدل، وحبنا لها ممكن أن نصفه مجازاً بالإدمان الجميل، لأن قيادتها رائعة، وحكومتها بارعة، وصباحاتها ممتعة ومساءاتها حلوة شائقة، ومقاهيها «لقمة وفالة ومادو ونزيه» وغيرها لا تشبه غيرها، تحييك وتنعشك، البسفور ميدان (بيشكتاش ) سيركجي منطقة السلطان أحمد أشهر المناطق على المستوى العالمي، ارتاكوي أو (ليفنت) بليك دوزو تطربك تفرحك تشعرك بالاكتفاء والارتواء بأجوائها وشعائرها وناسها وروادها وسياحها.. في اسطنبول عوالم مدهشة وعشق لا ينتهي! هناك تشعر بالفصول كلها وبالفضول كله، اسطنبول أحد أفضل الأماكن السياحية في العالم وفيها أمتع المعالم الترفيهية والتسوق بأنواعه، عشاق التاريخ والتراث والحكايات والبطولات والماضي والحاضر يجدون أنفسهم هناك، إطلالات ولا أروع ولا أجمل.. وحلويات وبقلاوة وكنافة ولا ألذ.. شوارع تختصر الجمال وشارع قطر في اسطنبول في حي صاريير أحد أفخم وأرقى أحياء الشطر الأوروبي أحلاها وأرقاها، جمال اسطنبول وجمال أهلها وزرقة سمائها ومياهها تضفي على أطباقها وكبابها وشايها وسميتها طعماً آخر، الشاي التركي في كل مكان وأينما وجد الشاي التركي وجد الجمال التركي والكلام الجميل، وكلما وجد اللحم التركي وجد عدنان النشمي، وعند الطعام يأكل وينسى اسمي أسد في أكل اللحوم، وفارس صنديد عند اللزوم، عدنان هذا ما عاد يتصل ولا يتواصل، كأنه مشغول، مشغول على طول، ذكرني بأغنية عبدالحليم حافظ «وحياتك مشغول لآخر الأسبوع» ويبدو أن عدنان الأصيل والجليل والأسد القدير صار يخلق الأعذار ليبتعد، وأنا أخلق الوهم ليبقى، مشتاقون إلى تركيا، مشتاقون لإسطنبول، مشتاقون إلى «بليك دوزو» وشاطئ مرمرة وكورنيشها الساحر، و«آيس كريم» عدنان، والسيدة راضية الفاخر، إلى لقاء قريب يا عدنان يا ولد أصلان في معشوقة العرب تركيا، وقريباً جداً إن شاء الله.
حقيقة مشتاقون للقلوب الدافئة، والمشاعر العاصفة، والقلوب النابضة، التي تمدك بالحب والاهتمام وفيها القلب يستهام، بعيداً عن الحر والرطوبة، وبعيداً عن البرد والثلج والزكام! حقيقة اشتقنا إلى قهقهات عدنان الدائمة، وابتسامات راضية المسالمة، وإلى لقاء يجمعنا دمتم سعداء.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
بقلم : يعقوب العبيدلي
copy short url   نسخ
22/09/2018
2154