+ A
A -
في العام 2001م كان اللاعب النيجيري «أكيم أومولادي» يلعبُ لفريق «تريفيسو» في الدوري الإيطاليّ لكرة القدم.. وكان في كل مباراة يُقابلُ بصافرات الاستهجان، والأغاني العنصرية، من جماهير الفرق المنافسة، ومن جمهور فريقه أحياناً! وكان من الممكن أن يستمر هذا إلى الأبد، لولا أن قرر زملاؤه في الفريق وضع حدٍّ لكل هذا... لم ينتظروا تدخل الفيفا، ولا فزعة الاتحاد الإيطالي، لقد نزلوا جميعاً إلى الملعب في مباراتهم ضد فريق «جنوى» ووجوههم مطلية باللون الأسود، يحملون لافتة كُتب عليها: أكيم أومولادي، كُلنا أنتَ!
والشيءُ بالشيءِ يُذكر... منذ أيام قامتْ مَدرسة في كازاخستان بطرد جميع الطالبات المُحجبات، وفي اليوم التالي حضرتْ جميع طالبات المدرسة غير المحجبات وهُنَّ يرتدين الحجاب، في رسالة رائعة إلى المدرسة، وإلى زميلاتهنَّ المطرودات، كُنَّ يقلنَ لهنَّ: كُلنا أنتُنَّ!
يقولُ غسان كنفاني: إن قضية الموت لم تكن يوماً قضية الميت، وإنما قضية الباقين.
في الحقيقة ليست قضية الموت وحدها هي قضية الباقين، كل قضية يقع فيها ظلم في العالم هي قضية الباقين! والباقون حين يدافعون عن الذين نالهم الظلم هم في الحقيقة يدافعون عن إنسانيتهم أولاً، وعن أنفسهم ثانياً، فالذي لا يُدافع عن الآخرين حين يقع عليهم الظلم إنما يجعل نفسه الضحية التالية التي لن يدافع عنها أحد!
في كل قضية سجن وقعت ظلماً، القضية ليست قضية الشخص الذي في السجن بقدر ما هي قضية الأشخاص الذين هم خارجه، إن الحياة تدور وفق معادلة: أُكلتُ يوم أُكل الثور الأسود!
إن أسوأ موقف يتخذه الشخص الذي لديه سكن هو أن يقف متفرجاً على الذين يطالبون بحقهم في السكن!
وإن أسوأ موقف يتخذه الشخص الذي يجد علاجاً هو أن يقف متفرجاً على الذين يُطالبون بحقهم في الاستشفاء!
وإن الساكت عن العنصرية التي لا تطاله هو شريك فيها!
ثمة أشياء اسمها القيم والمبادئ، هذه يجب أن تُحمى وتُصان، لأنها هي الإنسان في حقيقته! صاحب القيم والمبادئ يكون ضد السجن ظلما بغض النظر عن هوية السجين وهوية السجان، ويكون ضد العنصرية بغض النظر عن هوية الشخص الذي يمارسها أو الشخص الذي تقع عليه!
إن الأوطان تخرب لأن المظلوم حين يقع عليه الظلم لا يجد من يقول له: كُلنا أنتَ!

بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
27/09/2018
6353