+ A
A -
كانت الولايات المتحدة الأميركية تلقي بفائض قمحها في البحر، لترتفع قيمته في السوق الدولي بغض الطرف عن حاجة أمم وشعوب إليه، وليمكن لبلاد العم سام مقايضة بعض قمحها بسلع وخامات استراتيجية مثل النفط والغاز والذهب والفوسفات ومواد وبضائع أخرى، ومن ثم كانت الأسماك الكائنات البحرية في السواحل الأميركية تجد وفرة في غذائها لا تجدها الأسماك في كل بحار ومحيطات العالم.
الروس من جانبهم لم يرق لهم هذا التفوق الأميركي في إنتاج القمح، فقرروا خوض حرب قمح صامتة مع الأميركيين ليتفوقوا عليهم في إنتاج القمح حجما ونوعا، وهو ما جعل القمح الروسي يغزو بسهولة أسواق العالم، حتى أن صحيفة أميركية، وهي «وول ستريت جورنال»، اعترفت بأن صادرات القمح الروسي خلال العام الزراعي الماضي نمت بمعدل عشرين بالمائة لتصل إلى 40 مليون طن مسجلة بذلك رقما قياسيا في نحو ربع قرن لتتربع بذلك على عرش مصدري القمح في العالم.
عدد قليل من الدول العربية تحقق اكتفاءً ذاتيا من القمح، ولكن دولا عربية أخرى عرفت بأنها في الأساس دول زراعية لا يكفيها إنتاجها من القمح وتضطر سنويا إلى استيراد القمح إما من الروس أو الأميركيين أو من دول أوروبية، فالعالم يطور من اقتصاداته الغذائية، يتفوق في إنتاج القمح والحليب واللحوم والزبد، حتى أن بلادا صغيرة المساحة كالدنمارك وهولندا زبدها وحليبها وجبنها يدخل معظم مطابخ البيوت في العالم، بينما العرب، كل العرب، بإمكاناتهم الهائلة التزموا مقاعد المتفرجين، ولم يحولوا إنتاج الغذاء بأنواعه إلى هدف استراتيجي لا يجب تأجيله أو التهاون في إنجازه، في عالم تشهد بعض أصقاعه مجاعات أو فقرا أو حروبا أو أزمات وكوارث.
بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
02/10/2018
2701