+ A
A -
حذر الكاتب «عمر طاهر» بمقال سابق، من ضراوة انتقام الرومانسيات وهن نسبة من الزوجات بَرُعَ أزواجهن في إرهاقهن جسديًا وعصبيًا، فصبئن عن ملة الرومانسية وتحولن لديدنة الانتقام.
وهذا المقال ينقب عن دوافع انتقام الرومانسيات،على ما عُرف عن الأجنحة المتكسرة من رقة، فكيف لمثلهن من تغير جينات الوداعة وتبني كروموزومات الشراسة!
بداية، الرومانسيات ينتقمن بعد أن تتثبت لديهن قناعة أنهن ضحين بالثمين ثم حوسبن على البخس. بعد تغافلهن عن الجسام، فتم التركيز معهن على الهنات.
بعد تأخيرهن لأهدافهن الكبار إبداء لمتطلبات الأسرة، فعوقبن على تأخر تقديم وجبة غذاء. بعد تغاضيهن عن الماديات، تحت ضغوط مجتمعية لتيسير الحلال مع تلميح أنك لو تركتيه فستخسرين «اللوتاريا» بافتراض أن الفقير خلوق، والغني عربيد، ثم تفاجأ الرومانسيات بعيد الزواج بأنه تم الثأر منهن وأخذ القصاص لصحن كُسِر أو بات بالمَجْلىَ دون غسيل. بعد أن عشن يأملن بأن تُكلل رحلة الكفاح بفتح من الله على الزوج ليوسع عليهن. فلما فتح، قام شريك العمر بفتح بيت ثان، فبات لسان حال الرومانسية كمن تقول: «هب لي من لدنك كِسرة خبز»، فينتشي الزوج حال منح الكِسرة، كوثبة من فرط سخائه ولكأنه يرى في المنّ فتنة ما لها نظير.
- لقلوب الرومانسيات خلة صب وبؤرة عشق، لا يملؤهما بذخ «ساويرسي» فارخ، لكن يسدهما متاريس صلف زوج فاجر.
- الرومانسيات ينتقمن لأنهن يُعَيرن على أهداب صارت مطفأة من الروعة، رغم أن تلكُم الأهداب لم تعد تتقد توفيرًا لسعر «ماسكرا» يعجز الزوج عن دفع ثمنها، فتأبى أن تشق عليه بطلبات زينتها.
- الرومانسيات ينتقمن لعجزهن عن شراء ملابس عليها مسوح العظمة، فيتُقن لثناء يستحققنه، لكن يعوزهن ثمنه، فتكتم الرومانسية حسرتها، وتحافظ على ملابسها القيمة لتبدو لائقة لو خرجت معه، ثم يوبخها على فقر هندامها داخل البيت، فتتساءل خلسة مع نفسها:
ألا ينظر شريكها لهيئته في البيت والتي لو رأتها السلعوة لفرت فزعا.
- الرومانسيات ينتقمن بعد انهيار سقف طموحهن، فلم تعد الواحدة منهن تطمح للتقدير، بل غدا أملها هو النجاة من التحقير من شريك دائم المقارنة بين أدائها وأداء سواها، إذ يرى أن أداء زوجته أقل من توقعاته، فهو بتوقع الكمال منها كثمن لنجاتها من سوط اللعن.
- الرومانسيات ينتقمن لأنهن متهمات بالتقصير على مهمات لم يفرضها الشرع عليهن رُغم أنهن كثيرا ما تنازلن عن حقوق أقرها المُشَّرِع لهن.
- الرومانسيات ينتقمن كونهن سئمن تمني أن حبذا لو كن شهيرات، سليلات أسر نبيلة ذات اسم رنان، أو أنه فقط لو كن أصبن حظًا من الثراء، لغة أو جنسية أجنبية، لحيازة معاملة أفضل. والمدهش أنه بالرغم من حيازتهن لكل ماهو أعلاه، لكن لا يلين لهن جانب الشريك «السوبر صلف». حذاريك أيها الآدمي من جعلها تنام كل ليلة متمنية أن ليت مواردها المالية تقيها التقوت بمنِّك عليها. فالرومانسيات يصمتن طويلًا، بيد أن لهن نفثة أو نفثتين في العام تقضي على أخضرك ويابسك.
- الرومانسيات ينتقمن حين يتوجسن الحذر من لحظة «اللاندينج» التي يهيأ لرب البيت فيها أنه يقتحم الأسوار لفتح عكا، ما يجعل كرات الدم البيضاء للأخت الرومانسية تتهالك من فرط الإفراز حيث تستدعي قوات دفاعها كسلسلة تفسيرات وأحيانا أقسام مغلظة لدرء الشبهات عنها.
- الرومانسيات ينتقمن لتوهمهن أنهن شريكات حياة، سيُسِر إليهن الحبيب بمكنونات قلبه، ثم يتبادر لهن أنه قُدِّر لهن معرفة الأسعار، الأكلاف، الفواتير، المشاكل، الخسائر، الخصومات، الحوادث، وشتى وقائع الخراب، أما الأرباح السنوية، فتندرج تحت الخصوصيات التي يؤمن عليها الزوج ببصمة سر، لكن تظل للرومانسيات وظيفتهن الجوهرية، وهي مَسؤوليّة الـ LOST AND FOUND. فعليهن البحث عن ضياع سلاسل مفاتيحك، جوالك، أوراقك الثبوتية، البطارية الفارغة للسيارة، المُنَظم، الريموت، إلخ... وإلا فستوجه لهن سهام الاتهام وسيعلو زئيرك كعباس جائع، وسيلتهب وجهك كآباء «لهب وجهل ومسيلمة الكذّاب».
بقلم : داليا الحديدي
copy short url   نسخ
13/10/2018
3804