+ A
A -
حبشي رشدي
على الرغم من بركانية منطقة الشرق الأوسط التي لا تفتر أزماتها المختلفة، سواء التي تترحل من عقود خلت والمستجدة منها ايضا، ألا ان قارات واصقاعا اخرى في العالم فيها ما يقلقها من الأزمات وتجدد التيارات التي سبق ان أوقدت فتائل حروب وصراعات ساخنة.
فمن الواضح مثلا ان شوكة اليمين الاوروبي المتطرف تقوى يوما بعد آخر، وان بقاءه السابق متدثر ونحيل في جماعات مستترة تحت الأرض قد اضحى ماضيا، بدليل المساحات الانتخابية التي يربحها في غير مناسبة، وبدليل ان اسماء رموزه المستجدين تبرز وتظهر تحت دائرة ضوء، فمثلا لا ينبغي اغفال مسيرة حاشدة من 15 الفا شهدتها العاصمة الاوكرانية «كييف» قبل ايام مسيرة حاشدة لتظاهر فيها القوميين الاوكرانيين تمجيدا لما يسمى بـ«جيش الثوار الاوكراني» الذي تعاون مع ألمانيا النازية ضد الاتحاد السوفياتي ابان الحرب العالمية الثانية، وجرت هذه المسيرة تحت شعار: «لنعد اوكرانيا للاوكرانيين»، والمشاركون فيها من انصار المنظمات الراديكلية الاوكرانية المؤيدة للنازية الالمانية.
وفي المانيا مهد النازية الأول ظهرت قبل ايام قلائل مخاوف من صعود اليمين المتطرف في الانتخابات الإقليمية في بافاريا، فالنازيون في هذا البلد يزدادون حجما، كما يتعين علينا النظر بقلق إلى الافكار المتطرفة التي تطرحها عائلة ماري لوبان «الاب والابنة» في فرنسا، فهي ترفض بقاء فرنسا في الاتحاد الاوروبي وتطالب بعودة عملة الفرنك الفرنسي، وتفضيل الوطني على الاجنبي.. الخ
وعلى الرغم من تفاوت ظاهرة صعود اليمين المتطرف في اوروبا بين دولة واخرى، إلا ان الاحزاب السياسية المكونة لهذه الظاهرة تجمعها قواسم مشتركة، مثل اعتناقها مفهوما للوطنية والمواطنة على اساس القرابة الدموية وينطلق من زاوية عنصرية وعرقية بغيضة، ومعارضة الهجرة إلى القارة البيضاء، وإشهار المعاداة للاجانب، وانتقاد الطبقات والنظم السياسية الحاكمة ويظهر ذلك في ميلها المفرط إلى الصدام والمواجهة مع القوى السياسية التقليدية، ويدفعها فكرها العنصري إلى العمل على علاج مشاكل الديموغرافيا الاوروبية بعد انحسار نموها على نحو كبير، أو بالمعدلات المنشودة، على نحو يتهدد مكانة القارة البيضاء في العالم.
بقلم : حبشي رشدي
copy short url   نسخ
22/10/2018
2145