+ A
A -
كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام الباروميتر؟!
كان هذا أول سؤال في امتحان الفيزياء في جامعة كوبنهاجن في الدنمارك … وطبعاً فإن الإجابة الصحيحة والتقليدية لهذا السؤال هي: قياس الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض وعلى سطح ناطحة السحاب !
إحدى الإجابات استفزتْ أستاذ المادة، فقرر أن يُرسب صاحبها دون قراءة بقية إجاباته، والإجابة المستفزة كانت: أربط الباروميتر بحبل طويل وأنزل الخيط حتى يلمس الأرض ثم أقوم بقياس طول الحبل !
في رأي الأستاذ كانت هذه إجابة غبية لا علاقة لها بالفيزياء !
اشتكى الطالب إلى الجامعة مؤكداً أن حله صحيح فعيّنت الجامعة خبيراً للفصل بين المعلم وتلميذه.
اعتبر الخبير أن الإجابة صحيحة، ولكنها فعلاً تدل على جهل بالفيزياء، ولكنه قرر أن يمنح الطالب فرصة ويعيد طرح السؤال عليه شفهياً، فقال الطالب: حسناً هناك عدة إجابات وليس إجابة واحدة !
1- يمكن إلقاء الباروميتر من أعلى ناطحة السحاب وقياس الزمن الذي يستغرقه للوصول إلى الأرض ومن ثم يمكن حساب ارتفاع ناطحة السحاب باستخدام قانون الجاذبية !
2- إذا كان الطقس مشمساً يمكن قياس طول ظل الباروميتر وطول ظل ناطحة السحاب فنعرف ارتفاع ناطحة السحاب من قانون التناسب بين الطولين والظلين !
3- أما إذا أردنا حلاً يريح عقولنا فنعطي الباروميتر لحارس ناطحة السحاب نظير أن يخبرنا عن طولها !
4- وإذا أردنا تعقيد الأمور فنحسب ارتفاع الناطحة بواسطة الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض وعلى ناطحة السحاب باستخدام الباروميتر!
هذا التلميذ المدهش هو «نيلز بور» ولم ينجح في مادة الفيزياء فقط بل إنه الدنماركي الوحيد الذي حصل على جائزة نوبل في الفيزياء!
إن مهمة المدرسين هي البحث عن أي طالب له جناحان ومحاولة غرس ريش إضافي فيهما ليحلق عالياً لا أن يعملوا على قص هذه الأجنحة لأن صاحبها غير تقليدي ولا يمكن التنبؤ به!
نحن لا نجد إلا ما نبحث عنه، إن كنا نبحث بين طلابنا عن أبي بكر، وعمر وعثمان وعلي ومصعب وخالد وفاطمة وخديجة وأسماء وعائشة فسنعرفهم فوراً عندما نعثر عليهم، وإن كنا نبحث عن فرد في قطيع فإن المدارس لا تعد بهذا المنظور صانعة مواهب أو مكتشفة لها على أقل تقدير وإنما تصبح جهاز تدجين كبيرا، وإن هؤلاء الصغار اليوم هم بذورنا للغد، نحن أدينا الذي علينا، لقد أنبتنا، وكبرنا، وعما قليل نحصد ولم يتغير شيء، فإن لم نراهن على هذه البذور التي أمامها حقل الحياة بطوله فعلى أي شيء نراهن للحصول على غد أفضل!
بقلم : أدهم شرقاوي
بقلم : أدهم شرقاوي