+ A
A -

وجدت أمس مبلغًا بجيب سترتي، فسعدت جداً، وإذ بابنتي تختلس نظرة لي، سألتها على الفور: أأنت من دسست المال بجيبي؟ ابتسمت.. قلت: لمَ؟
جاوبتني: لاحظتك تقفزين فرحاً كما الأطفال لو وجدت مالاً غير متوقع، فأردت شراء لحظة فرح لك.
هذه الصغيرة وأمثالها هم منحة رحمانية من رب العالمين، وقد مضت أول درزينة من عمر الدانة الجميلة.
وددت لو كتبت لها حروفاً بحلاوة ما كتب الرحابنة:
«ومغيرة، ومولداني، وخدودها خير السنة، يا من قطف، يا من جني، وصغيرة، ومزينة، وعيون بتقول اسكني فيي وطيري يا دني»
ليتني أخط لها سطوراً بعمق ما نثر إيليا، وما كتبت إلا من أصل نصوص لواقح لمعاني بكر، أخيتها من بنات أفكارهما سواء من أغنية الرحابنة الشهيرة أو من نص «هدايا العيد» لأبي ماضي.
اللهم ترفق بها وسائر بنات العالمين، يا خير من ترفق.
ارزقها ربي أخلاق الجنوبيات وثقافة الشماليات.
اقسم لها من سماحة القرويات وصُب عليها من جمال بنات المتوسط.
ربي، أثقلها بعلم حوريات الغرب.
إلهي، لا تحرمها ذاكرة ربيعية لا تخرف في خريف عمرها.
يا كريم، انزل عليها حاسة شم تنكه حياتها بعطور جديدة كل يوم واجعلها تلتصق بروائح الديار وعطر جدران المدارس ونسيم مراتع الصبا ولا تحرمها الحنين للمستقبل.
اللهم اجعلها لا تتوقف عن الدهشة والالتفات لمشاعر جديدة، للتنوع، للمذاقات، للأفكار المختلفة للبشر وغرائبهم.
يا مانح، امنحها إدراكاً ووعياً متقداً لا يتقيد بتقليد نمط سائد أو قريب ثقاة.
يا قدير، اجعلها كلما أكبرت إنساناً، شعرت بـ: لكم يذكرني بوالديّ.
يا رب الكون، اغرس فيها تقدير رب أسرتها «والدها» في كل آن وارزقها بره وإياي.
يا وهاب، اهدها مرآة تريها ضمائر العُذّاب، لتبصر كم من خداعة في التراب.
يا أول يا آخر، خصها بعزمة في المشيب، ويسر لها مراناً في الشباب.
يا رب العالمين، ادعمها بإيمان العارفين، وحرم عليها شك المرتاب. سخر لها إخوتها كموسى لهارون، لا كالأسباط ليوسف، أما وإن أذنبت فردها إليك كعبد أواب. حرم يا رحيم على قلبها المشيب ولا تحرق مقلتيها بسخين الدمع أو بحرقة عذاب. اللهم لا تجعل هجرتها إلا لك وثبت يقينها بأن في السماء رزقها، وأوهبها إباء يمنعها الوقوف لدى الأبواب. إلهي، خضر لها الدرب، وبيض لها القلب، وزهِّر لها العمر، وأعنها على معرفة كنزها وإن خَفِيَ تحت طينها أو بين الغصون أو في ثنايا الأعشاب. ربي يبارك ويضاعف درزينات العمر في صحة وسعادة لابنتي ولسائر بنات وبنين العالمين.. آمين.
بقلم : داليا الحديدي
copy short url   نسخ
10/11/2018
4671