+ A
A -
لم يجرؤ أي من رؤساء أميركا ومن قبل بريطانيا على أن يتعامل مع المملكة العربية السعودية وخاصة مع خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بمثل ما تعامل الرئيس ترامب معهما.. بأسلوب لا يمكن لزعيم دولة عظمى له علاقات استراتيجية مع السعودية ابتدأت منذ أكثر من قرن وبعد سقوط الخلافة العثمانية وازدادت بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وبروز أميركا قوة عظمى وبات النظام المالي العالمي مرتبطا بطريقة أو بأخرى بأميركا، فهي تسيطر على التجارة وحركة الأموال الدولية، منذ اتفاقية «بريتون وودز» في العام 1944، عندما أصبح الدولار العملة الأساسية والمرجعية بالعالم.
فالسعودية سهلت تنفيذ الاستعمار الاقتصادي الأميركي للمنطقة العربية وإحلال الشركات الأميركية في التنقيب والسيطرة على البترول العربي بدل بريطانيا التي انسحبت من الخليج والهند، وشرق آسيا لتحل محلها أميركا مقابل إنقاذها من هتلر.. والسعودية فتحت أراضيها للقوة الأميركية لتحرير الكويت وتدمير العراق.
لكن لم يأت لأميركا رئيس يقول لملك سعودي طائرتك لا يمكن أن تحلق بدون موافقتنا.. وإنه لولا الحماية الأميركية لما استمر بالحكم أسبوعين.. أيها الملك لديكم أموال كثيرة ادفعوا.. والضربة القاضية التي وجهها ترامب إلى المملكة العربية السعوديه بالإعلان عن «أنه لولا السعودية لكانت إسرائيل في أزمة» طبعا هذا يعني أن السعودية حمت الكيان الصهيوني منذ نشأته.. وهو ما لم يجرؤ زعيم أميركي أو إسرائيلي على الجهر به حتى نظام جمال عبد الناصر لم يصل إلى هذه الحقيقة التي أعادتنا للبداية حين قررت أميركا وبريطانيا تقديم قرار لمجلس الأمن الذي حل محل عصبة الأمم عام 1947 بإصدار قرار تقسيم فلسطين.. فخشي مجلس العموم البريطاني من غضب عربي فجاءت التطمينات أن أعطوا الحصة الكبرى من العالم العربي للدولة الكبرى.. ولا أحد يغضب.. وكان التقسيم وكان الاحتلال وعلى مدى السبعين عاما لم يتهم أحد السعودية بأنه لولاها لكانت إسرائيل قد رحلت..
قد تكون الحالة العربية المبعثرة هي التي دفعت ترامب ليهين الدولة العربية الكبرى ويحرض الشعوب عليها، لكن أن تكون هي الحامية لإسرائيل فلن يقبل بها جنين لم يتشكل بعد في رحم أمه.. ولا تدرى ماذا ستلد الأرض المقدسة بعد هذا الاتهام !!
كلمة مباحة
ذو العقلِ يشقى في النعيـمِ بعقلهِ
وأخو الجهالةِ في الشقاوةِ يَنْعَمُ
بقلم : سمير البرغوثي
copy short url   نسخ
24/11/2018
1917