+ A
A -

1 - شُكراً سيدنا سُليمان، من قصتك تعلمتُ أن لا أفخر بإنجازاتي وكأني صانعها، وإنما أن أتأدبَ مع الله وأردَّ الفضل إليه، فها أنتَ تعلنها: «عُلِّمنا منطقَ الطير»! لم تنسب الفضل لنفسك ولا لاجتهادك، ومساعدك الذي أحضرَ لكَ عرش بلقيس قبل أن يرتدَّ إليكَ طرفك، قال متأدبا مع الله: «هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر»!
2 - شُكراً سيدنا سُليمان، من قصتك تعلمتُ أن أتواضع، ولا أنسى طرفة عينٍ أني من التراب وإلى التراب، كنتَ تملكُ الأرض من مشرقها إلى مغربها ومع هذا تواضعتَ، وأوقفتَ جيشكَ لتسمعَ كلام نملة!
3 - شُكراً سيدنا سُليمان، من قصتك تعلمتُ أن ألتمسَ العُذر للناس، فالخطأ وارد، وليس كل من أضرني كان ينوي هذا، والحكمة ضالة المؤمن، وفي كلام نملة وقفت في طريقك لحكمة، ودرس في التماس العذر، وحسن الظن بالناس، وما أرقى كلامها يوم قالت: «يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنّكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون»!
4 - شُكراً سيدنا سُليمان، من قصتك تعلمتُ أن المسؤولية تكليف لا تشريف، وأن الإنسان النبيل كلما كبرت مسؤوليته كبر تكليفه، وها أنتَ تتفقدُ رعيتك، وتسأل عنهم واحداً واحداً، كنتَ تملك الجن والإنس والريح والدواب ولكنك قلتَ متفقداً: «ما ليَ لا أرى الهُدهد»!
5 - شُكراً سيدنا سُليمان، من قصتك تعلمتُ أن لا أُغلق الباب في وجه غائب، فكل غائبٍ عذره معه، وما أجملكَ إذ توعدتَ الهُدهد، تركتَ له مخرجاً، وتركتَ للصُلح مطرحاً، فقلتَ: «لأعذِّبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنّه أو ليأتينِّي بسلطان مبين» ! ولما عادَ، دخلَ من المخرجِ الذي تركتَه له، وولجَ من مطرح الصُلح، فجاءَكَ من سبأ بنبأ يقين!
6 - شُكراً سيدنا سُليمان، من قصتك تعلمتُ أن الإنسان مهما بلغ من العِلم والنُّبوة فإنه لا يعلم إلا ما علّمه الله له، فعلى سعة ملكك، وعظيم علمك، علِمَ هدهدٌ ما غاب عنك أنت النبي! فعلمتني هذه الحادثة أن أتواضع لأن الذي أجهله قد يكون أكثر من الذي أعرفه!
7 - شُكراً سيدنا سُليمان، من قصتك تعلمتُ أن لا تأخذني العاطفة فأُصدِّقَ كلّ كلام أسمعه، وأن لا أكون ساذجاً فينطلي عليَّ أي ادِّعاءٍ وأيّة حُجة! فلما سمعتَ كلام الهدهد قلتَ: «سننظرُ أصدقتَ أم كنتَ من الكاذبين»! فالعاقل يتحققُ ويتثبتُّ، ولا يتحرّكُ إلا على بيِّنة، ولا يبني مواقفه على شُبهة!
8 - شُكراً سيدنا سُليمان، من قصتك تعلمتُ أدب المشورة، وأن الحاكم العادل هو الذي يسمع صوت الناس، والمستبد هو الذي لا يسمعُ إلا صوته، ولا يبيح إلا رأيه، وما أجمل بلقيس يوم جاءها كتابك، تجمع قومها وتقول لهم قبل نشوء الديمقراطيات بآلاف الأعوام: «ما كنتُ قاطعةً أمراً حتى تشهدون» !
9 - شُكراً سيدنا سُليمان، من قصتك تعلمتُ أنَّ صاحب المبدأ لا يُشترى! بغض النظر أكان غنياً أم فقيراً، ثم إن مقدار ما يملك الإنسان لا علاقة له ببيع نفسه أم لا، هذا ما أثبتته التجربة، وقال به الواقع! وما أنقاكَ يوم قلتَ مُتعففاً: «أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم»!
10 - شُكراً سيدنا سُليمان، من قصتك تعلمتُ أنَّ على المرءِ أن يكون دقيقاً في إجاباته، فعندما سألتَ بلقيسَ: «أهكذا عرشك»؟ قالتْ لكَ: «كأنه هو»! وهذا أبلغ جواب في التاريخ، فلو قالتْ هو، فكيف جاء قبلها؟! ولو قالت ليس هو، فكيف يجهل المرء عرشه؟! وإن الإنسان مأخوذ بلسانه، وكل وعاء بما فيه ينضح!
بقلم : أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
25/11/2018
7417