+ A
A -
هنا في أرض جزيرة العرب، الأرض التي ولدت فيها الرحمة ووطأ أرضها قدم أشرف البشر وسيد الأنبياء.. هنا في أرض الجزيرة أغنى بقاع الأرض وملتقى الشعوب والأمم التي تغترف من خيراتها.. هنا في الجزيرة العربية العتيقة الفاحشة الثراء من فضل الله يعاني اليمن الحزين الفقر المُدقع والآلام المبرحة ويواجه شعبه الموت جوعا وعطشا في حين يتنافس جيرانه على معدلات السمنة وبناء المساجد المزخرفة لينشدوا من خلالها الرحمة؟! قبيل الدمار العربي زارني بدون سابق ميعاد رجل يماني كريم.. كبير السن.. مكسور الجناح قرأت في وجهه الكثير من الآلام وقسوة الأيام.. اقترب مني وحضنني بدفء وبدأت دموعه تنهمر بغزارة حتى ابتل ثوبي؟! لماذا؟ لأني تذكرت اليمن العليل المُهان بمقال أردت من خلاله له العّز وأن يكون عضوا كاملا في مجلس التعاون وضرورة رفع دول الخليج من شأنه واقتصاده بدون منّة كحق أصيل لأنه سيكون قوة لمجلس التعاون وهو أصلا جزء من كُل.. تاريخا وأرضا.. وحتى يكون اليمن دائما سعيدا بعافيته وشعبه.. ولكن للأسف الذي حدث بالعكس والذين أضروه وعذبوه وقسوا عليه وعلى شعبه المفترض ان يكونوا إخوانا وجيرانا لهم.. فضاع اليمن ودُمّر بين أطماع الحوثي وغرور وأموال الجيران - الأشقاء! المهم الآن بات من الصعب الوقوف والتفرج.. والتفكير العملي والإسلامي والإنساني أصبح ملحاً فيما يجب فعله تجاه مآسي أهلنا وأطفالنا في اليمن المنكوب بسبب لعبة سياسية قذرة وأطماع مدمرة؟! فكيف نمد يد العون لهم بغض النظر عن كل شيء؟! فما السبيل لذلك؟! ليس المهم من يفوز ومن يكسب من هذه الحرب المدمرة لأن الكل خسران.. ولا يهم ننتصر ونلوم من، ولكن الأهم كيف يمكن انتشال الشعب اليمني من الألم والخوف والجوع الذي يخيم عليهم ويحصد أرواحهم كل دقيقة وساعة ويوم؟! وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وما تبقى من كرامة هذا الشعب الكريم الذي أوصانا عليه الرسول عليه الصلاة والسلام ابن الجزيرة العربية الذي لا ينطق عن الهوى وتركنا على المحجة البيضاء والذي قال (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله). نتمنى على دولتنا الحبيبة كعبة المضيوم والدول التي لم تفقد بصيرتها ورحمتها بعد والدول الإقليمية المؤثرة مثل عُمان وتركيا وإيران التحرك الجاد والسريع من خلال مفاتيحها السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وهيئات الإغاثة وقوة الرأي العام العالمي ووقفة الشعوب الرحيمة.. أن تنجد أطفال ونساء وثكالى اليمن وتضمد آلامهم وجراحهم بعيدا عن المصالح السياسية فالشعب مغلوب على أمره وبحاجة إلى نفحة رحمة وجرعة أمل وحيز للتنفس؟ فالبشر في الأصل عباد الله وهم من روحه وليسوا سلعة في سوق المال والسياسة.. فوالله إننا مُساءلون يوم لا ينفع جاه ولا مال ولا بنون. اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد..
بقلم: جاسم إبراهيم فخرو
copy short url   نسخ
26/11/2018
2473