+ A
A -
بالتزامن مع هذا أعلن نادر سعد المتحدث باسم مجلس الوزراء أواخر نوفمبر الماضي عن اتفاق شراكة بين هيئة قناة السويس وشركة موانئ دبي العالمية المملوكة للإمارات تشمل إنشاء شركة تنمية مشتركة تسهم فيها هيئة قناة السويس بنسبة51 %، وموانئ دبي العالمية بنسبة 49 %. في صفقة معظم إن لم يكن كل بنودها الفعلية سيظل كالعادة طي الكتمان وحبيس الأدراج المغلقة وستحصد المكاسب على إثرها وبشكل واضح لا لبس فيه الإمارات والتي دعمت الانقلاب العسكري بمبلغ يتجاوز 12 مليار دولار وهو الجزء المعلن فقط ويفوق حجم ما قدمته الإمارات لمصر منذ عام 1971 وحتى 2012، وكان أحد دوافعها لدعم السيسي وجماعته العسكرية للانقلاب على الرئيس محمد مرسي ونظامه المنتخب في 3 يوليو 2013 مشروع «تنمية محور قناة السويس» والذي كان عبارة عن مشروع متكامل يتضمن إقامة منطقة تنمية كاملة صناعية وزراعية وتجارية وخدمية وتكنولوجية ومركز لوجيستي للسفن بمختلف أحجامها وتغطي مساحة المحور الخدمي والتنموي للمشروع سبعة آلاف كيلومتر، ليضم خمسة محافظات هي السويس وبورسعيد والإسماعيلية وشمال سيناء وجنوب سيناء وعلى طول خط القناة، وهو ما كان سيمثل لو تم تنفيذه بالشكل الذي تضمنه برنامج الرئيس مرسي خطرًا حقيقيًا على مكانة وأهمية وموارد ميناء جبل علي الإماراتي «كنز الإمارات البحري» و«موانئ دبي العالمية» كيانها الاقتصادي المدلل ولتعوض إخفاقاتها المتكررة والمتلاحقة في الصومال وجيبوتي والسودان وغيرها، فأينما حلت شركة موانئ دبي حل الخراب والتدمير لأي ميناء تضع يدها عليه بأي طريقة كانت وما حدث لميناء عدن ومحاولاتها السيطرة على الحديدة في اليمن خير دليل فأي منافس قد يهدد ولو من بعيد هذا المورد الهام لا بد من السيطرة عليه ليصبح مجرد ترانزيت لجبل علي أو تخريبه إن لم تتح الظروف احتواءه وتهميشه، وجدير بالذكر أن الإمارات تسيطر أيضًا على ميناء العين السخنة في مصر منذ سبتمبر 2017 وتعمل جاهدة على تفريغه من أي تواجد للشركات والعمالة المصرية بشتى الطرق بجانب تشعب التواجد الإماراتي وخاصة في المجال الاقتصادي والاستثماري داخل مصر ناهيك عن الشق السياسي. وهناك معركة أو بالأحرى مؤامرة أخرى يعد السيسي العدة لها منذ شهور طويلة وهو عزمه على تعديل الدستور الذي أقره الانقلاب نفسه وتحت رعاية وتوجيه السيسي وأذرعه الأمنية والمخابراتية منذ 4 سنوات ليتم تعديل بعض بنوده والتي تقف عائقًا أمامه للاستمرار في الحكم لما بعد 2022 نهاية فترته الثانية وغير القابلة للتمديد أو الترشح مرة ثالثة حسب الدستور الحالي، وسبق أن ألمح السيسي إلى عدم رضاه عن الدستور في وقت مبكر سبتمبر 2015 بقوله «الدستور المصري كتب بنوايا حسنة والدول لا تبنى بالنوايا الحسنة فقط»، تلك الجريمة التي يريد السيسي تمريرها في هدوء ويحاول جاهدًا إيجاد مخرج لها بشكل يبدو مقنعا داخليًا ومناسبا خارجيًا وهو ما لا يمكن فصله عن تودد السيسي المستمر لعراب الثورة المضادة وعدو الربيع العربي الأول «محمد بن زايد» الحاكم الفعلي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وخطب ود الكيان الصهيوني والكاوبوي الأميركي «ترامب» بمختلف الطرق، فبدون تلك الأطراف الثلاثة لن يتمكن من تمرير التعديل الدستوري المرتقب والبقاء في السلطة، وكانت قد كشفت في وقت سابق عدة مصادر برلمانية ومواقع إخبارية أن اجتماعات شبه يومية تجري منذ فترة على قدم وساق بين مبنى المخابرات العامة في كوبري القبة وقصر الاتحادية الرئاسي بمصر الجديدة من أجل الاستقرار بشكل نهائي على المواد التي سيتم تعديلها، ونصوص المواد البديلة وموعد الاستفتاء، وترجح تلك المصادر أن حكومة الانقلاب تخطط لإقرار التعديلات الدستورية خلال النصف الأول من العام المقبل، وتجمع المصادر نفسها على أن «محمود السيسي» نجل الجنرال والذي يحظى بوضع مميز داخل جهاز المخابرات العامة هو من يدير بنفسه هذه الاجتماعات تحت إشراف ومتابعة يومية من مدير الجهاز اللواء «عباس كامل» الذي شارك أيضًا بشخصه في بعض هذه الاجتماعات، في ظل أخبار متداولة عن مقترح لوضع مادة انتقالية في منتهى الخطورة في الدستور تنص على إنشاء ما يسمى «المجلس الأعلى لحماية الدستور» تكون له صلاحيات واسعة في الحفاظ على «هوية الدولة» وحماية الأمن القومي للبلاد في حال تولي قيادة سياسية جديدة ويتولى السيسي رئاسته بنفسه مدى الحياة سواءً كان لا يزال في السلطة أو تركها في ما يشبه تحصين السيسي لنفسه تحت كافة الاحتمالات حتى الأسوأ منها. لا يعرف أحد على وجه التحديد عدد ومحتوى المواد الدستورية المراد تعديلها وتكييفها لتناسب مقاس الجنرال، لكن من المؤكد وحسب كل المؤشرات والدلائل أنه يسعى وبكل قوة لتمريرها .
بقلم: جمال الهواري
copy short url   نسخ
13/12/2018
1818