+ A
A -
يقول مارتن نيمولر:
«في ألمانيا عندما اعتقلوا الشيوعيين لم أُبالِ لأنني لستُ شيوعياً، وعندما اضطهدوا اليهود لم أُبالِ لأنني لستُ يهودياً، ثم عندما اضطهدوا النقابات العمالية لم أُبالِ لأنني لم أكن منهم، بعدها عندما اضطهدوا الكاثوليك لم أُبالِ لأنني بروتستنتي! وعندما اعتقلوني لم يكن قد بقي أحد حينها ليدافع عني»!
عندما قرأتُ مقولة مارتن نيمولر تذكرتُ الذي يحدث في بلادنا بين التيار الإسلامي والتيار الليبرالي بشأن موضوع الاعتقالات، تقومُ الليبرالية على مبدأ أساسي غير قابل للمساس ألا وهو الحرية، ولكنك تجد الليبرالي لا ينبس ببنت شفة إذا شنت حكومة ما حملة اعتقالات ضد الإسلاميين، إنه يجد في الأمر فرصة للتشفي والانتقام، لقد خلصته الحكومة من بعض خصومه ولا يهمه إن كان هذا الخلاص ظلماً أم عدلاً!
الأمر نفسه يحصل في التيار الإسلامي، فعندما تعتقل حكومة ما بعض الليبراليين لا تسمع لهذا التيار صوتاً، إنه يعيش نشوة النصر، ويردد: اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين! ثم قد تكون خطبة الجمعة عن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، ولكن الخطيب لا يدافع عن إنسان محبوس ظلماً وإن كان خصمه الفكري!
المبادئ لا تتجزأ يا سادة، فإما أن نكون مع المظلوم أياً كان فكره وعقيدته ورأيه أو نحن مع الظالم! الظلم الذي يطال فرداً أو جماعة في المجتمع يضع مبادئ وقيم البقية على المحك، فإما أن تقف ضد الظلم وهي بهذا تقف مع نفسها أولاً، لأنها تدافع عن قيمها، ولأنها تُخبئ يداً للغد تمتد لها إذا وقع الظلم عليها، وإما أن تقف مع الظالم، لا طريق ثالث في القضية، اللهم إلا من أنكر بقلبه وذلك أضعف الإيمان!
طبعاً أتفهم خوف الإنسان على نفسه، وأعرف تماماً وضع الإنسان العربي الذي لا يقدر أن يقول لا! ولكن مربط الفرس ليس هنا، مربط الفرس في الإنسان القادر على أن يقول لا ولكنه لا يقولها إلا حين يقع الظلم عليه أو على تياره، هذه هي الانتقائية المقيتة التي تخدش قيمنا ومبادئنا وترسخ للظلم والقهر!بقلم: أدهم شرقاوي