+ A
A -
كتب تركي الحمد مبررا طغيان حاكمه صاحب المنشار مقارنا بينه وبين نابليون وموقف الفيلسوف الألماني هيجل منه، وبغض النظر عن التزييف النظري الذي لحق التصور الهيجلي باعتبار أن هذا الفيلسوف كان يحاول شرح فكرته المتعلقة بالحركة التاريخية التي تتجاوز الأفراد وفي ذات الوقت يحقق العقل المطلق غاياته من خلالهم، فقد كانت المقارنة مسيئة لسيده أكثر مما تصلح لمدحه.
كان نابليون إمبراطورا وقائد عسكريا فذا استطاع في سنوات قليلة أن يُخضع عموم أروبا وينصّب عليها حكاما من أسرته محوّلا فرنسا إلى إمبراطورية ممتدة ذات نفوذ متعاظم، وهذا الإنجاز التاريخي غطّى على نقيصة حكمه المطلق التي لم يمتدحه المؤرخون الفرنسيون لأجلها. وبمقارنة بسيطة بين ابن سلمان ونابليون فإن التشابه في الحكم المطلق وهي نقيصة لكليهما لا يعني التماثل في الانجازات لأن هناك فرق بين من أسس إمبراطورية ضخمة وبين من هو في سبيله نحو تدمير مملكة جده وهناك فارق بين من استطاع إخضاع أوروبا وبين من اخضع نفسه للوبي الصهيوني ولصهر الرئيس الأميركي بل ولحاكم الإمارات بشكل جعله مجرد بيدق في المشهد السياسي.
أن يحاول تركي الحمد تلميع دكتاتور من خلال التعسف على التاريخ وعلى الواقع، فهو يخطئ السبيل إذا حاول مقارنة نفسه بالفيلسوف الألماني هيجل لأن الفارق بينهما يكمن في عمق الثاني وحصافته عندما اعتبر لحظة الحرب النابليونية على مملكة بروسيا فرصة لإيقاظ الأمة الألمانية وتوحدها لتصبح في مصاف الدول الكبرى وبين من يمتدح طاغية انجازه الوحيد محاصرة جيرانه وتجويع أطفال اليمن و«تجزئة» أحد مواطنيه بالمنشار.
هنا يكمن الفرق بين مثقفي التنوير الغربي وبين أبواق السلطة في السعودية وبين من يؤلف كتبا تحدد شروط النهضة والصعود الحضاري من خلال استقراء الحركة التاريخية وبين من يكتفي بالمديح وتملق احد المستبدين.
وما اصدق الشاعر العربي نزار قباني حين قال: وإذا أصبـحَ المفكِّـرُ بُـوقاً يستوي الفكرُ عندها والحذاءُ.
بقلم: سمير حمدي
copy short url   نسخ
28/12/2018
1737