+ A
A -
كان مؤشر الإنتاج المنحط للأوبريت الكرتوني، الذي أنتجته دول المحور الخليجي، لبث لغة كراهية في أوساط الأطفال، صادماً في مستوى الرذيلة السياسي والتسفّل الأخلاقي، بغض النظر عن دلالات العمل في مسار العرقلة الدائم للأزمة الخليجية، فالعمل اختطف أغنية تراثية لساحل الخليج العربي، هي من علامات الود والحب البريء، لكل الطفولة في الخليج العربي، وعبرهم إلى العالم.
ورغم أن جريمة استخدام الطعن في الأعراض والتركيز على ذلك، الذي كثفته أبوظبي عن عمد وعبر سياسة ممنهجة، شارك فيها فريق المستشارين، في الديوان الملكي السعودي، أحبط الناس ودفع مع الأسف الشديد، بعض الأقلام والحسابات القطرية للتسابق في هذه اللغة، وإن لم يتغولوا في الأعراض، غير أن استهداف الطفولة، وهي قضية حقوقية عالمية، وقبل ذلك مبدأ فطرة إنساني، كان دليلاً بأن هذا الانحطاط والتسفّل، لم يعد له قعر.
والمشكلة العميقة هنا، أن هذا الإنتاج للكراهية، يُغير ترانيم كلمات اللحن التراثي، إلى هذه البضاعة السيّئة، ويُثبتها في عقول وتمتمات الأطفال، لكي يحرضوا ويسخروا من الطفل القطري، وهنا نستدعي تلك المعارض الفنية والثقافية، التي باشرت التشجيع عليها وزارة التعليم والمؤسسات السعودية والإماراتية، لتكون مادة تبث في مجتمعنا العربي في الخليج، لثقافة الاحتقار والازدراء والمفاصلة الاجتماعية.
التي لم تقف عند قطع الأرحام التي أمر الله بأن توصل، ومنع الناس من ذويهم في أفراحهم وأتراحهم، ولكن بدأت تعمل على بث الغناء السافل، وصولاً إلى كارثة التحريض في ركن الطفولة البريء. والحقيقة أن الإحباط اليوم، خاصة في ظل تداعيات انتقال الحكم السعودي، وغياب أي مؤشر لموقف انتقالي، تخرج به هذه الدولة المركزية الكبيرة، من هذا السُعار فتطلق معتقليها، وتوقف الأزمة مع قطر، وتهدّئ خواطر شعبها، على الأقل لضمان بنية اجتماعية مستقرة، يستطيع النظام السعودي عبرها، من تمديد الحياة السياسية للأسرة الحاكمة، ونقلها لزمن جديد، في أجواء تهدئة ضرورية.
وبالتالي بتنا اليوم مجدداً، أمام تدحرج سريع، لم تتحول فيه قضية الشهيد جمال خاشقجي، لجرس إنذار تنظم السعودية فيها مستقبلها، ولكن زيادة في تورطها داخلياً ومع الأزمة، رغم أن الرياض وقفت اليوم على خطورة آثار الملفات، التي دفعت بها في مواجهتها لقطر، وأن هذه الملفات تطرح اليوم بلغة قانونية أمام الرأي العالم العالمي، المعبأة مشاعره من الجريمة النازية، التي اعترفت بها السلطات السعودية، ومع ذلك تعود الجهات السعودية لإنتاج ذات الملفات، في ظل الحديث عن إعادة بعض مجموعة الاغتيال، لوضع تأمين سياسي متدرج.
إن من الصعب التوقع بأن التعديلات السعودية الأخيرة، في مجلس الوزراء السعودي، ستتحول إلى خطة عمل تنقذ ولو جزئياً واقع الدولة، والاحتقان الداخلي والفشل الخارجي، لأن أي تعديل أو تصحيح ولو نسبي، لا بد أن يكون تحت قناعة ولي العهد السعودي الشخصية.
وعدم قدرة أنقرة على تحقيق انعطاف لمصالحها، بعد ضغطها المتواصل على الرياض، وإعلانها الرسمي عن التوحد مع الكونغرس والمخابرات الأميركية، والذي أدخلها في الحملة الأميركية الداخلية، عاد ليتحول إلى تهدئة تدريجية، ستعود بعدها واشنطن لحصد مصالحها، مع العهد السعودي الجديد دون التفات لتركيا، وعلى حساب مصالح الشعب والمنطقة.
وهو ما يعقّد مهمة الشيخ صباح الأحمد، رغم أن رسائل تعامل الرياض معه اختلفت قليلاً، وهو ما اُعتقد في حينه بأن ذلك، قد يكون مدعاة لتهدئة، تبدأ بعدها مساعي فك الاشتباك، والذي لن يخضع اليوم، في ظل هذه الصورة المثبتة عن الحالة السعودية، إلى أوهام قائمة المطالب، وإنما للتعامل عبر الواقعية السياسية للنظام، لهذه التطورات، وحاجته داخلياً وخارجياً، بأن يعطي مؤشراً بأن هناك تصحيحاً لهذه الحقبة، النظام نفسه ربط قضيتها بمواجهته لقطر، وهو ما يعني أن الحل له قبل غيره، ينطلق من فك الاشتباك معها، ورد الاعتبار ولو نسبياً لشعبه.
بقلم: مهنا الحبيل
copy short url   نسخ
06/01/2019
2860