+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 1929م وُلد مارتن لوثر كينغ، لم يستغرق طويلاً ليكتشف العنصرية التي تغص بها أميركا عن آخرها، كان وهو في الخامسة من عمره لا يفهم لماذا يرفض رفاقه البيض أن يلعبوا معه ! ولكن أمه كانت تقول له: لا تدع هذا يُوثر عليك، بل لا تدع هذا يجعلك تشعر أنك أقل من البيض، أنتَ لا تقل عن أي شخص آخر!
في هذا الظرف العنصري المقيت عاش مارتن، كان ذكياً، حصل على الدكتوراه في الفلسفة واللاهوت، قارئاً نهماً متأثراً بالكاتب ثرو الذي كان يؤمن بالعصيان المدني كوسيلة سلمية لتحقيق المطالب، خطيباً مفوّهاً جمع حوله مواطني أميركا سود البشرة/ وهذا اللفظ من باب الوصف ليس إلا ! وفي العام 1964م حصل على جائزة نوبل للسلام لرفضه كل أساليب العنف في تحقيق المطالب!
لم تكن مطالب مارتن ورفاقه تتلخص بأكثر من جملة واحدة: نحن بشر مثلكم ونريد أن تعاملونا على هذا الأساس! وفي خطابه الشهير «لديّ حلم»، قال مارتن: لديّ حلم بأنه في يوم من الأيام سيعيش أطفالي الأربعة في مجتمع لا يكون الحكم على الناس بسبب ألوان جلودهم ولكن بما تنطوي عليه أخلاقهم!
كان هذا الخطاب منذ خمسين سنة فقط ! ولكن منذ ألفٍ وأربعمائة سنة، وقف النبي صلى الله عليه وسلم على جبل الرحمة يوم عرفة وقال للناس: كلكم لآدم وآدم من تراب! وكان عمر بن الخطاب إذا رأى بلال بن رباح يقول: بلال سيدُنا وأعتقه سيدُنا! ويوم حصل خلاف بين أبي ذر وبلال، وقال أبو ذر لبلال: يا ابن السوداء! قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية!
تخيلوا أن أبراهام لينكولن حرر العبيد سنة 1863م، بينما كان مارتن بعدها بمائة عام يتظاهر ضد العبودية والتمييز، هذا يثبت أن القوانين المكتوبة لا تكفي وحدها لتجعل البشر بشراً حقيقيين، ثمة أصنام في نفوس الناس لا يكسرها إلا مِعول التربية، وهنا كانت عظمة الإسلام، لقد كسَّر أصنام الاستعلاء والتكبر في نفوس أتباعه، لهذا عندما صعد بلال بن رباح على ظهر الكعبة ليؤذن يوم فتح مكة، لم يقل أحد من المسلمين القرشيين: كيف لعبدٍ أن يصعد على ظهر كعبتنا، الأصنام الداخلية كانت محطمة، فالمعيار هو التقوى، وبلال الحبشي في الجنة وأبو لهب القرشي الهاشمي في النار، ويا له من دين !
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
15/01/2019
2458