+ A
A -
يعقوب العبيدلي
لغة أي أمة هي الجزء الأهم في مقومات شخصيتها، الأمة التي لا تولي أهمية للغتها ليس لها شأن في الحاضر، ولن يكون لها شأن في المستقبل، كان العرب يعتنون باللغة، ويُدرسون بها جميع العلوم من الفلسفة والمنطق إلى العلوم من علم فلك، وفيزياء وطب، وهندسة، كانت أوروبا تبعث بطلابها ليتتلمذوا على علماء العرب في جامعاتهم في الحواضر العربية التي كانت مراكز إشعاع علمي وحضاري، وعلى أراضينا العربية تواجدت أقدم الجامعات في العالم
وبسبب ما تتميز به اللغة العربية من مميزات اشتقاقية وإعرابية ومعجمية، فقد جعلت كثيراً من المستشرقين يصرحون بأنها أغنى وأمتن اللغات وهاموا بها، ونحن على مقاعد الدراسة الجامعية كان يقول لنا أستاذنا الدكتور عبدالعزيز مطر، رحمه الله وغفر له، ما معناه أن العربية هي من أغنى اللغات وبالرغم من كل هذا، إلا أن كثيراً من الدول العربية لا تولي اهتماماً باللغة العربية، كأنهم يعانون من عقد النقص، يعانون من عقدة الدونية، نعيش ونقضي أعمارنا وأعمار أبنائنا في تعلم اللغات الأجنبية دون أن نعي ما بين أيدينا من كنز لغوي لا حدود لغناه، حالة يمكن وصفها بالغيبوبة الحضارية، لذلك يستعصي علينا الإقلاع الحضاري ونحن تائهون في تيه الازدواجية اللغوية، وتستوي تقريباً في عدم وضوح رؤيتها للدور الحضاري الذي يجب أن تضطلع به حاضراً ومستقبلاً، كل دول العالم المتحضر تولي اهتماماً للغتها وتقدّمها على ما سواها من اللغات، هناك اللغة وطن لا يجوز لأي لغة أن تنافسها في حياضه، وداخل إطاره، وتلزم «المؤسسات الحكومية، وغير الحكومية»، والمحلات والمولات، والمسؤولين بوجوب الالتزام بها والحديث بها، في كل اجتماعاتها ومناقشاتها وتعليماتها إلخ، وكتابة أسماء المحلات بها، فلا يتصور أن يقف أحد المسؤولين في تلك الدول المتحضرة أمام الشعب ليتحدث بلغة غير اللغة الرسمية للدولة، وإن فعل فلربما يرغم على الاستقالة في اليوم التالي، هكذا تحافظ تلك الدول المتحضرة على لغتها بينما في جل الدول العربية لا يزال بعض المسؤولين وبعض المؤسسات والشركات والمحلات فيها يفاجؤون الناس والعملاء من حين لآخر «برطانة» ثقيلة على الذوق أو بكتابة لوحات ويافطات المحلات بلغة غير اللغة العربية، وكأن بيننا وبين اللغة العربية، اللغة الأم، اللغة الرسمية، شجون ومسافات، واتجاهات معاكسة، لقد شعرت بالسعادة بصدور القانون رقم ( 7 ) للعام 2019 الذي أصدره سمو الأمير المفدى حفظه الله أمس الأول، لقد بدد القانون شعوري بالحزن على اللغة العربية وتهميشها في عقر دارها، والمهانة من أهلها، وأجمل ما جاء بالقانون «يجرّم» كل من لا يلتزم بالقانون، كل مبدع عربي يجب أن يتقن لغته الأم، وإلا فلا إبداع، علينا أن نعيد إحياء اللغة العربية لأن الله اختارها لنا.
«إن الله يزع بالسلطان، ما لا يزع بالقرآن»..
شكراً سمو الأمير على هذا القانون الحضاري، وإن دل هذا فيدل على مساعي سموك الخيرة.
وكلنا نحب اللغة العربية وتهمنا مصلحتها.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
إضافة تعليق
copy short url   نسخ
16/01/2019
2838