+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 1101م انتهى أبو حامد الغزالي من تأليف كتابه «إحياء علوم الدين». ولا يُعتبر الإحياء من أشهر كتب الغزالي فحسب بل إنه من أشهر كتب المسلمين على مرِّ العصور ! والغزالي لا يختلف اثنان على فضله وعلمه، أما الكتاب فقد انقسم فيه الناس مذاهب شتى، منهم من بلغ حد المغالاة فيه، ويُنسب للإمام النووي أنه قال: كاد الإحياء أن يكون قرآناً! مع أني أستبعد أن يصدر هذا الكلام عن النووي لسبب سيأتي لاحقاً! وقال بعضهم: لو مُحيتْ كتب الإسلام لاستُخْرِجت من الإحياء! ومن الناس من ذهب متطرفاً حد اعتباره بدعة، أما العدل فكان في علمية وموضوعية ابن السبكي، وابن الجوزي، فقد أثنيا على الكتاب ولكنهما كلاً على حدة تفرغا للحديث عن سلبياته، فابن السبكي أخرج من الإحياء 943 حديثاً ليس لها سند ! أما ابن الجوزي فقال: إن كتاب الأحياء فيه آفات كثيرة لا يعلمها إلا العلماء، أقلها الأحاديث الباطلة والموضوعة ! ولهذا السبب أستبعد أن يكون الإمام النووي صاحب المقولة أعلاه، فليس من المنطقي برأيي أن يفوت محدث مثله، وصاحب كتاب في الحديث كرياض الصالحين هذا الكم من الأحاديث التي لا تصح ثم يُتوِّج هذا كله بوصفه كاد الإحياء أن يكون قرآناً! ومهما يكن من أمر، يبقى الإحياء كتاباً جليلاً، عظيم الفائدة لمن توفرت له نسخة فيها تخريج للأحاديث الواردة فيه، فما قيل عن الغزالي أنه أكثر من رواية الحديث ولم يكن مُحدِّثاً، وليس له باع في الجرح والتعديل بمقدار ما له في مجالات أخرى ! ومن طريف ما يُروى عن الإمام الغزالي أنه في إحدى رحلاته لطلب العلم باغتته جماعة من اللصوص، فجردوه من ماله وحاجاته، وانتزعوا مخلاته التي تحوي أوراقه ومذكراته.
وتركوه يذهب، ولكنه ظل يمشي وراءهم، فنهره رئيس العصابة طالباً منه الذهاب في طريقه مهدداً إياه بالقتل، ولكن الغزالي استمر في متابعة العصابة لعدة ساعات! فسأله رئيس العصابة عن سبب متابعته لهم وعدم انصياعه لتهديده بالقتل وهو الأعزل من السلاح فقال له: أريد مخلاتي فهي تحوي أوراقي ومذكراتي فقال زعيم العصابة: ألهذا تتبعنا؟ قال: أجل.. فرماها إليه بازدراء وقال له: ما نفع المعرفة إذا كانت مدونة في دفاتر حتى إذا ضاع الدفتر ضاعت المعرفة! ولعل هذا القول من أجمل ما قاله اللصوص على مر التاريخ!
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
01/02/2019
4175