+ A
A -
في مثل هذا اليوم من العام 55م تولّى نيرون الحكم في الامبراطورية الرومانية، ليكون بذلك امبراطور روما الخامس، واليوم بعد مضي ما يقارب ألفي سنة على توليه الحكم ما زال يُضرب به المثل في الاستبداد والتسلط وجنون العظمة !
تُجمِع كتب التاريخ على رسم صورة نيرون غاية في الجنون والتطرف والإجرام، فقد تولى الحكم صغيراً وكانت والدته وصية عليه، حاولت إعداده للحكم ولكنه كان طائشاً عديم المسؤولية، ماجناً يكثر من التردد على بنات الهوى، وانتهى به الأمر أن تزوج إحداهن، فغضبتْ والدته وطلبت منه أن يتركها، فما كان منه إلا أن أرسل صديقه المقرب إلى قصرها ليقتلها، فذهب إليها، وطعنها بالسيف في بطنها ثم أحرق جثتها !
من أكثر أعمال نيرون جنوناً هو إحراقه لروما ! لم تكن تعجبه روما بالشكل الذي هي عليه، فقرر هدمها وإعادة بنائها ولكنه لقي معارضة شديدة، وعندما علم أن الأمر لن يتم بالحسنى أشعل النار في كل أرجاء روما، فاحترق منها عشرة أحياء من أصل أربعة عشر حياً، وكان هو في هذه الأثناء قد اتخذ له كرسياً في برجٍ عالٍ وأخذ يراقب بلذة ألسنة النار وهي تلتهم المدينة !
إن صحَّ كل ما كُتب عن نيرون فلا أعتقد أن مستبداً في تاريخ البشرية يمكن أن ينافسه على هذا اللقب ! وإن كان ما كتب عنه فيه مبالغات وأعمال لم يرتكبها فهذا برأيي يرجع إلى خلفية أوروبا الدينية، فتاريخ روما دُوِّن وأوروبا تدين بالمسيحية برمتها، ونيرون هو الامبراطور الذي اضطهد المسيحيين ونكَّل بهم يوم كانت الوثنية هي دين الامبراطورية، ولا شك أن التاريخ يخضع دوماً لهوى كاتبيه، ولكن حتى وإن زِيدَ في جنونه فقد كان فيه من الجنون ما يكفي ليجعل منه مستبداً !
بقلم: أدهم شرقاوي
copy short url   نسخ
09/02/2019
1130