+ A
A -
بعد أن أخفقت الولايات المتحدة الأميركية في إحداث تغيير في موازين القوى داخل فنزويلا لمصلحة رئيس الانقلاب خوان غوايدو، نتيجة استمرار الرئيس الشرعي للبلاد نيكولاس مادورو في الحصول على دعم مطلق من الجيش والأغلبية الشعبية ضد التدخل الأميركي في شؤون البلاد، إلى جانب فشل واشنطن في الحصول على تأييد مجلس الأمن إلى جانب خطتها الانقلابية، بسبب المعارضة القوية من روسيا والصين،
كما فشلت الولايات المتحدة في عزل فنزويلا وإحكام الحصار حولها واضطرارها إلى استثناء قطاع النفط الفنزويلي من العقوبات بسبب حاجتها الماسة إليه لقرب فنزويلا من الولايات المتحدة ونوعية النفط الفنزويلي الجيدة.. بعد كل هذا الفشل لجأت الإدارة الأميركية إلى وسائل أخرى لتحقيق لمحاولة تحقيق أهدافها للإطاحة بالرئيس مادورو وتغيير نظام حكمه، وهذه الوسائل تمثلت في القيام بعمليات تخريبية لإحداث فوضى في البلاد والتسبب بالمزيد من الأزمات، وبالتالي تحميل الحكومة الشرعية المسؤولية عن ذلك، واتهامها بالعجز وعدم القدرة على مواجهة هذه الأزمات، وتحريض الناس ضدها، ودفعهم إلى تأييد غوايدو لإسقاط حكومة الرئيس مادورو.. في هذا السياق لجأت واشنطن إلى عملية التخريب في أهم قطاع حيوي لشل الحركة الاقتصادية والخدماتية في البلاد، ألا وهو قطاع الطاقة الكهربائية، فعمدت عبر وسائلها التقنية المتطورة إلى تعطيل محطات الطاقة الرئيسية في البلاد مما أدى إلى انقطاع الكهرباء وتوقف حركة القطارات والمياه والمعامل...الخ.. على أن هذه العملية التخريبية أدرجت في إطار خطة مدروسة لاستغلال الأزمة التي تسبب بها العمل الأميركي التخريبي في مصلحة الانقلابيين، وهو ما تجسد في مسارعة غوايدو إلى عقد جلسة طارئة للبرلمان والتصويت لصالح دعوته لإعلان الطوارئ في البلاد، وطلب تعاون دولي لمواجهة الأزمة.. أي استدعاء تدخل خارجي، ودعوة أنصاره إلى التظاهر وتحميل مادورو مسؤولية ما حصل والمطالبة بتنحيه عن السلطة، فيما عمدت واشنطن إلى استغلال عبر تغريدة للمستشار الأمن القومي جون بولتون هاجم فيها الرئيس مادورو، وقال إنه «رغم انقطاع الكهرباء على نطاق واسع، وزيادة القمع ونقص وسائل المواصلات، وإغلاق الانترنت، مازال الفنزويليون ينزلون إلى الشوارع، ويواصلون احتجاجاتهم مع غوايدو احتجاجا على تمسك مادورو بالسلطة».. وارفق ذلك صورة لـ غوايدو وسط المتظاهرين...
ان هذا العدوان التخريبي الأميركي الذي أدى إلى تعطيل محطة الطاقة الرئيسية في البلاد والتسبب بمفاقمة الأزمات التي يعاني منها الشعب بفعل الحرب، المباشرة وغير المباشرة، التي بدأتها واشنطن ضد فنزويلا، إنما يشكل تطورا خطيرا في هذه الحرب الأميركية، لم يعد ينفع في مواجهتها البقاء في موقع الدفاع، الذي نجح في امتصاص الصدمة الأولى من هذا العدوان، وبات من الواجب والضروري الانتقال إلى الهجوم، للرد على التمادي الأميركي في الاعتداء على سيادة واستقلال البلاد وعلى الشعب الفنزويلي بتخريب منشآت بلاده الخدماتية... على أن هذا الرد يجب يتجسد بالخطوات التالية:
أولا، إعلان التعبئة العامة وحالة الطوارئ في البلاد تشمل كل مؤسسات الدولة والقطاعات الشعبية في إطار خطة شاملة للمواجهة وسد الثغرات في الداخل، ومحاربة الاختراقات المعادية التي تقف وراء تمكين الولايات المتحدة من التدخل في شؤون فنزويلا الداخلية، والقيام بعمليات التخريب للمؤسسات الوطنية، والتحريض على الفتنة في البلاد..
ثانيا، اتخاذ إجراءات حازمة ورادعة بحق كل من يتعاون مع الولايات المتحدة باعتباره متآمرا على وطنه يجب إحالته إلى القضاء بتهمة الخيانة، وبالتالي وضع حد لحرية وحركة المتعاملين مع الولايات المتحدة، وفي مقدمة هؤلاء رئيس الانقلابيين خوان غوايدو المعروف بأنه من صنيعة الاستخبارات الأميركية حيث تلقى تدريبا من قبل «المعهد الوطني للديمقراطية» منذ كان طالبا في بلغراد، لقيادة وتنظيم التظاهرات والقيام بعمليات التحريض والاحتجاج ضد الحكم التحرري في فنزويلا وصولا إلى اعلان الانتفاضة لإسقاطه...
ثالثا، اعلان الطوارئ الاقتصادية لتوفير مقومات الصمود للشعب في حالات الحرب وذلك بالاعتماد على الذات ودعم الحلفاء في العالم، وهذا يستلزم بالضرورة اتخاذ إجراءات تمس مصالح رجال الأعمال الذين ترتبط مصالحهم مع الشركات الأميركية والغربية، التي تشارك في فرض الحصار على فنزويلا، وتحلم باستعادة سيطرتها على نفط وغاز فنزويلا.. باعتباره حقا مشروعا يندرج في سياق الرد على سياسة الحصار الأميركية المفروضة على فنزويلا.
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
16/03/2019
1988