+ A
A -
{{ تراثنا العـربي يكاد يكـون الأغـنى في العالم بما يحويه من مرادفات لكلمة الحـب، فـقـد تعـددت معانيه في لغـتنا الجميلة وعـلى ألسنة شعـرائنا ومفكرينا وحتى عـلى ألسنة العامة من الناس ولكنه - أي الحـب- يظل يعـني شيئاً واحداً هـو تلك العاطفة الصادقة الجـياشة التي تربط بين قلبين وروحين وجسدين وإن تعـددت المعاني، وإذا نظرنا إلى أي شعـب من الشعـوب الـقـديمة والحـديثة نجـده يبحـث لاهـثاً في تاريخه وتراثه وماضيه عـله يعـثر عـلى قـصة حب خالـدة بينما تاريخنا له في كل يوم وفي كل مكان حكاية مع عـشاق لم تـزل أسماؤهم عالقة في الذاكرة ولم تزل دموعهم ندية عـلى خـدودهم ولم تزل تأوهاتهم تتردد أصواتها في الوجـدان وهم من الكثرة بحيث تعجـز الذاكـرة عـن ذكـرهم في بعـض الأحيان.
{{ هـناك تساؤل يخطر بخاطري بين الحين والآخـر، يا ترى هل نستطيع أن نعـيش بلا حب؟.. أو بمعـنى آخـر هـل نستطيع أن نجـرد أنفسنا من العاطفة؟.. أكاد أجـزم وأقـول لا وألف لا، فالحياة بدون حب تبدو عـندي حياة ماسخة مملة حياة لا حياة فـيها، كالجسد المصاب بالشلل، لا حراك فـيه، لهذا أحاول أن أخوض عالم الهيام دوما، ولكن بشرط أن يكون حبا صادقا وشريفا، حتى وإن كان من طـرف واحد، يكفـيني أن أحلم، ويكفي أن أتمنى السعادة لمن أحب فأنا ليس بمقدوري أن أترك قلبي عاطلا بلا حب مع الاعـتراف بأن الحـب الأول يبقى راسخا في العـقل والوجـدان كـذكـرى جميلة غـير قابلة للـنسيان، فالحـب يصنع القوة ولا يصنع الفشل، فهو هـواء عـذب نتنفسه، خصوصا إذا لمحناه في نبرات صوت من نحـب، وفي خفقات صدره، وفي وميض عـينيه فلا حياة إلا بحب تشرق به الشمس وإذا كانت هـناك لوعة وحـرمان فـذاك حال لـن يدوم.. فـدوام الحال كما يقال من المحال نعم هكذا هو الواقع الذي يوضح بأن المشاعـر الحلوة والنبيلة في نفس الوقت هي فوق الألم وفـوق اللوعـة.
{{ وعـودة إلى لغـتنا الجميلة، نجـد أنها أضافـت إلى كلمة الحب مرادفات مثل: الهيام، الغـرام، الصبابة، الوله، العـشق، الشوق، الهوى، وغـيرها من التعـبيرات التي تصف حالات العـشق بأدق تفاصيلها، وتكشف أنه لم يكن هـناك وجه واحد للحب إنما وجوه كثيرة متعـددة تجسد كل المشاعـر الإنسانية بأسمى معانيها وأبهى صورها وأرقى حالاتها.
{{ ولكن في زماننا الآن أصبح للحب في حياتنا للأسف الشديد طعم واحد ونكهة واحدة يتذوقها الرجل والمرأة عـلى حـد سواء، وهـو طعم «حب اللا حب» !
{{ ولذا نقول: أعـيدوا للحـب معانيه الخالدة، فهو قـد احتل مكانة مرموقة في لغـتنا وتراثنا فلماذا لا يستعـيد هـذه المكانة في حياتـنا المعاصرة؟!
بقلم: سلطان بن محمد
copy short url   نسخ
27/03/2019
1932