+ A
A -
تمخضت المواجهة الجديدة بين المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وكيان الاحتلال الصهيوني عن نجاح المقاومة في فرض قواعد جديدة للاشتباك مع جيش الاحتلال وبالتالي تعزيز قدرتها الردعية في مواجهته.. فيما اعترف مسؤولون سياسيون وأمنيون وقادة أحزاب صهاينة بخسارة إسرائيل لقوتها الردعية وتزايد قوة فصائل المقاومة الفلسطينية وهو اعتراف نادر وغير مسبوق،
ويأتي على إثر هجوم للمقاومة تجسد بقصف تل أبيب بصاروخ متعدد الرؤوس أدى إلى تدمير منزلين وإصابة سبعة مستوطنين بجراح، وذلك في أثناء بدء رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو زيارته للولايات المتحدة الأميركية، وإقدام القوات الخاصة الصهيونية على اقتحام بعض السجون وارتكاب اعتداءات وحشية ضد الأسرى الفلسطينيين، مما يؤشر إلى أن قصف تل أبيب يندرج في سياق قرار اتخذ من قبل قيادة المقاومة الفلسطينية في غزة يقضي بعدم السماح باستفراد الأسرى وضرورة الرد على هذه الاعتداءات التي استهدفتهم، وفرض قواعد جديدة للاشتباك مع العدو تقوم على حماية الأسرى من بطش وإرهاب الاحتلال، ورسم معادلة ردعية تشمل مدينة تل أبيب، عاصمة الكيان الصهيوني، إلى جانب مدن ومستوطنات الاحتلال في جنوب فلسطين المحتلة.. وهذا تطور مهم في أداء المقاومة ويعكس جرأة وشجاعة، وفي نفس الوقت تعريض عمق الكيان الصهيوني ومركز تجمعه الأساسي السكاني ومؤسساته الحكومية وعصب حركته الاقتصادية إلى التهديد الأمني في أي لحظة وأي وقت يقدم فيه العدو على تنفيذ عدوان على قطاع غزة أو ضد الأسرى أو أي عدوان وحشي يستهدف الشعب العربي الفلسطيني.. كما أن قيادة المقاومة نجحت أيضاً في تحديد هدفها من الهجوم الصاروخي وتحذير العدو من تجاوز الخطوط الحمر في رده على قصف تل أبيب، مما شكل رسالة حازمة من أن تجاوز هذه الخطوط سوف يستدعي رداً قوياً من المقاومة يطال مركز العمق الصهيوني في غوش دان الذي يضم تل أبيب وغيرها من مناطق الثقل الصهيوني الأساسية، وكذلك عدم السماح للعدو بأن يحدد هو طريقة نهاية هذه الجولة من المواجهة؛ حيث ردت المقاومة على القصف الإسرائيلي، لبعض مواقع المقاومة والمؤسسات والمناطق السكنية القريبة منها، بقصف مستوطنات غلاف غزة، أي أن الرد كان بمستوى موازٍ للاعتداءات الإسرائيلية.. واستطراداً ربط أي اتفاق للتهدئة بفك الحصار عن القطاع، وهو ما أشارت إليه صحيفة هآرتس الصهيونية..
وعلى الرغم من أن نتانياهو قد اضطر إلى اختصار زيارته إلى واشنطن والعودة سريعاً إلى فلسطين المحتلة، بعد اجتماعه مع الرئيس دونالد ترامب، الذي وقع وثيقة تعترف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة، فإنه رضخ لقواعد الاشتباك الجديدة التي فرضتها المقاومة، متجنباً الذهاب إلى عدوان واسع أو شن حرب شاملة ضد القطاع، خوفاً من أن تقود نتائجها إلى هزيمة جديدة يمنى بها جيش الاحتلال تكرس عدم قدرته على تحقيق النصر، لأن البديل الآخر عن ذلك سيكون العودة إلى احتلال قطاع غزة والذي سيكون دونه معارك شرسة ستعرض جيش الاحتلال إلى خسائر جسيمة في المعدات والأرواح، وقد تستمر الحرب فترة طويلة لما تملكه المقاومة من قدرات على القتال، مع احتمال تكرار مشاهد الفشل والهزيمة التي تعرض لها كيان الاحتلال في جنوب لبنان عام 2006، في بنت جبيل وعيتا الشعب ووادي الحجير وغيرها من المناطق الجنوبية، التي واجه فيها جيش العدو مقاومة شرسة وتكبد خسائر كبيرة وعجز عن السيطرة عليها، واضطر في نهاية المطاف إلى الانسحاب مهزوماً من دون تحقيق أهداف حربه..
هذه النتيجة التي أسفرت عنها جولة المواجهة الجديدة المحدودة، لكنها المهمة من حيث حصادها بالنسبة للمقاومة والسلبية بالنسبة لكيان العدو، أدت إلى تسعير التناقضات والصراعات داخل الكيان الصهيوني.
(يتبع)
بقلم: حسين عطوي
copy short url   نسخ
30/03/2019
2115