+ A
A -
أدهم شرقاوي

في هذا اليوم من العام 796م توفي الخليفة الأموي هشام بن عبدالملك، وهو على فراش الموت نظر إلى أهله يبكون حوله فقال لهم: جاء هشام إليكم بالدنيا وجئتم له بالبكاء، تركَ لكم ما جمعَ وتركتم له ما حمل، ما أعظم مصيبة هشام إن لم يرحمه الله!

يبدو أن الناس جميعاً حكاماً ورعيةً لا يدركون حقيقة الدنيا إلا في الوقت الضائع! نجمع المال من حلال وحرام ثم نتركه خلفنا ونمضي، يستمتع به من بعدنا ونحاسب عليه وحدنا، وما أكثر العِبر وأقل المعتبرين!

وحضر أعرابي سُفرة هشام بن عبد الملك، فبينما هو يأكل إذ رأى هشام شعرة في لقمة الأعرابي، فقال له: عندكَ شعرةٌ في لقمتك يا أعرابي!

فقال له الأعرابي: وإنك لتراقبني مراقبة من يرى الشعرة في لقمتي والله لا أكلتُ عندكَ أبداً!

وهذا أيضاً درس آخر، جميل أن ينتبه صاحب البيت لضيوفه فيقدم لهم ما ينقصهم، ولكن في المقابل عليه ألا يُشعرهم أنه برج مراقبة وإن كانت نيته حسنة!

وهشام بن عبدالملك هو السبب في إثارة قريحة الفرزدق الشعرية حتى أخرج لنا إحدى أروع قصائده، فقد جاء هشام إلى الحج والبيت مكتظ فلاقى صعوبة في الوصول إلى الحجر الأسود وهو ولي العهد يومذاك لم يصر الخليفة بعد، ولكن رجلاً من الحجيج لما حضر أوسع له الناس ليصل إلى الحجر الأسود فسأل هشام عنه، وأجابه الفرزدق شعراً:

هذا الذي تعرفُ البطحاء وطأته

والبيتُ يعرفه والحِلُ الحرمُ

هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم

هذا ابن فاطمة إن كنت جاهله

بجده أنبياء الله قد خُتموا!

والمقصود من الأبيات هو زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه.
copy short url   نسخ
19/04/2019
2079