+ A
A -
شاهد الجميع في كل أنحاء العالم مراسم تشييع جثمان الراحل الكبير محمد علي كلاي رحمه الله، وشاهد الجميع كيف تحوّلت هذه المراسم من مراسم تشييع نجم كبير إلى مراسم ترويج لسماحة الإسلام -من خلال الحديث عن تسامح الراحل- وإلى مراسم حب وسلام يدعو إليها كل من تحدث من ساسة ورجال أديان. حتى أن السي ان ان تركت مساحة بثّها طوال ساعات ذلك اليوم كاملة لهذا الحدث وما ترتب عليه من تغني بالتسامح والتعايش وصفاء المسلمين ونقاء سرائرهم.
جاء هذا الحدث في ظل الاستعدادات المشتعلة للانتخابات الرئاسية والتي يبدو أن البضاعة الرائجة فيها هي مهاجمة المسلمين وتوعدهم والتحذير منهم كما يفعل المرشح الرئاسي دونالد ترامب في كل خطاب بمناسبة وبغير مناسبة.
كانت تلك الليلة سيئة على حملة ترامب وعلى مناصريه، حيث أن الجو العام انقلب إلى الطقس المعاكس لهم تماماً وأصبح حديث الجماهير في وسائل التواصل الاجتماعي للسخرية من تصنع ترامب في التعزية بمحمد علي كلاي.
كل هذه الأجواء من انحسار الصوت العنصري المضاد للمسلمين وتراجع شعبية ترامب وانخفاض سعر بضاعة الكراهية في مخازنه، أقول أن كل هذا المشهد انقلب على عقبيه في لحظة مجنونة لم تبق ولم تذر من العقل شيئاً، في ما يسمى بحادثة اورلاندو. حيث عادت أسعار سلع الكراهية والعنصرية للارتفاع بشكل جنوني، وأغلق أصحاب التسامح من المسلمين وغيرهم محلاتهم، واكتفوا بالدعاء بزوال هذه الغمة.
في غضون أسبوع، بسبب رجل مسلم يدعى محمد علي كلاي، وقف العالم كله في صف المسلمين وتحدث بكل الكلام العذب عنهم وعن دينهم، من كل الأديان والمذاهب والمشارب، وفي نفس الأسبوع وبسبب رجل مسلم آخر وقف العالم في وجه المسلمين وتحدث عن اخطائهم ودمويتهم وتطرفهم ورفضهم للآخر...الخ. يقال أنها مؤامرة، ويدور حديث مطوّل عن مرتكب جريمة أورلاندو ودوافعه غير الدينية وعن كثير من الأمور الغامضة الأخرى والتي تحيط بالحادثة، إلاّ أن الثابت أن المسلمين -فيما يبدو- هم الأمة الوحيدة التي ينطبق عليها المثل الشعبي الشهير «الخير يخص والشر يعمّ» والله المستعان.

بقلم : صلاح العرجاني
copy short url   نسخ
17/06/2016
2724