+ A
A -
صارت الصين مصدر قلق حقيقي للغرب، فليس الخبير السياسي والاقتصادي فرانسيس فوكوياما هو وحده الذي يتوقع أن تصبح بلاد العم ماو أكثر قوة وتحكم في العالم خلال العقد المقبل بقوانين تضعها بكين، ولكن خبراء آخرين أيضا يشاركون فوكاياما إلى ما يذهب إليه، كما أن الصين ذاتها تخطط لأن تكون القوة الأكبر في العالم العام 2029، حتى إن مجلة «ناشيونال انتريست» الأميركية المتخصصة في مجالات الدفاع والأمن اقترحت علنا على بلادها استمالة موسكو إلى جانبها ضد التنين الصيني، قائلة إن موسكو ليست مهتمة بخوض صراع مع أوروبا أو الولايات المتحدة وتأمل في وضع حد لتقدم الغرب إلى الحدود الروسية، وإن شواهد التاريخ تشير إلى أن روسيا أكثر ميلا للتقارب مع أوروبا والولايات المتحدة، وليس مع الصين.
النمو الصيني المطرد والمقرون بمبادرات جريئة وواعدة ومثمرة، مثل مبادرة: «الحزام والطريق»، فضلا عن بناء الصين قوة عسكرية لا يستهان بها يزعج بلاد العم سام.
ويبدو أن العقل الآسيوي الذي كان قد بدأ نهضته التقنية والصناعية مشغولا بمقتضيات الهندسة العكسية واستنساخ صناعات الآخرين وتقليدها ينتقل الان الى مرحلة الابتكار والتفرد بمنتجات تقنية تنافس بقوة معدلات النمو التقني الحالية في الغرب، وإلى حد انه يمكن القول إن مركز الثقل الحضاري والصناعي والاقتصادي في العالم يتجه الى القارة الصفراء
وادا كان الأميركيون، بل وحتى الأوروبيون والروس، لا يعتمدون فقط على علمائهم في تطوير وتحديث ترساناتهم العسكرية وصناعاتهم المتقدمة، حتى إن معاملهم العلمية العسكرية بها علماء متعددو الجنسيات، حيث يتم استقطاب الادمغة العبقرية من دول العالم الثالث او حتى شرائها من أي مكان في العالم، فإن الصين، هذا البلد العملاق سكانياً، لا يفتقر الى نخب من العلماء الصينيين في مختلف المجالات، وبأعداد هائلة تزيد على العلماء الأميركيين والروس معا، ويعكف هؤلاء العلماء الصينيون على ابحاث تحقق للصين تفوقاً اقتصادياً، بل وعسكرياً، حتى ان الحكومة البريطانية- على سبيل المثال- هزتها قبل أيام فضيحة مرتبطة بتسريبات في الصحافة تتعلق بقرار السماح بمشاركة شركة «هواوي» الصينية في إنشاء شبكة الجيل الخامس «5 جي»، فقد تجاهلت لندن تحذيرات واشنطن بشأن التعامل مع شركة هاواي الصينية، وبنت جسوراً مع هذه الشركة رغم التلويح الاميركي بأن هناك مخاطر امنية من العلاقة مع هذه المؤسسة الصينية الكبرى.
مراقبون في العالم يتساءلون حاليا: لماذا لم نعد نسمع أو نقرأ عن اسلحة جديدة وبالغة التفوق وغير مسبوقة في فرادة وجودة أدائها وخواصها التكتيكية، ومن شأنها أن تحدث خللا في موازين القوى، وتباغتنا بها احدى دول الاتحاد الأوروبي، بينما لا تتجه الأسماع والأنظار إلا ما يعلن عنه الروس أو الامريكان من أسلحتهم الجديدة التي تسيل لعاب الراغبين في ملء ترساناتهم العسكرية بها؟
فعلى سبيل المثال دشنت روسيا مؤخرا اخطر سلاح عرفته البشرية، اذ ان هذا السلاح يدمر مدناً بأكملها من خلال إحداث موجات تسونامي مدمرة تبتلع مدناً على سواحل، حيث دشنت روسيا أحدث غواصة مسلحة نووياً- الغواصة بيلغورود- التي تختزن في احشائها كل وسائل هذا الدمار، وكان ذلك تحت أعين الرئيس فلاديمير بوتين الذي يصب كل اهتمامه على تحديث ترسانة روسيا الرهيبة من الأسلحة المتطورة.
الأوروبيون خلت معاملهم العسكرية البحثية من مثل هذه القفزات التقنية العسكرية المذهلة، حتى إن الاقتصادات الاوروبية حالياً صارت تواجه انتفاضات داخلية في مواجهة انحسار المدخولات الاقتصادية الكبيرة التي كانت تتحقق لها من العملقة الصناعية التي كانت عليها.
بقلم: حبشي رشدي
copy short url   نسخ
03/05/2019
1642