+ A
A -
تفيد استطلاعات الرأي حول الإنتخابات الأميركية أن المرشح الجمهوري دونالد ترامب استطاع تضييق الفارق بينه وبين المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون إلى ثلاث نقاط، بحيث باتت شعبية هيلاري في حدود 39 بالمائة، في حين ارتفعت شعبية ترامب إلى 36 بالمائة.
لعبت مذبحة اورلاندو دوراً كبيراً في ارتفاع شعبية ترامب الذي أصبح «أكثر وضوحاً» في مواقفه المعادية للمسلمين، حيث أعلن أنه في حالة فوزه سيضع لائحة بدول يمنع رعاياها من دخول أميركا.
المرجح أن الدول العربية والإسلامية ستواجه مصاعب بلا حصر مع واشنطن في حالة وصول الجمهوريين، لكن يجب التعامل مع هذا الاستنتاج بحذر، إذ من خلال تجربة سنوات في أميركا تكون حرارة الحملة الانتخابية دائما مرتفعة، لكن عندما يبدأ الرئيس الجديد عمله من المكتب البيضاوي، سيختلف الأمر كثيراً.
في سياق ذي صلة يقول مسؤولون مغاربة إن تجربة التعامل مع الأوروبيين والأميركيين أبانت لهم أن علاقات أمنية متميزة مع الجانبين، تكون في الغالب مفيدة إلى أقصى حد لهما.
هناك مؤشرات ودلائل.
عندما وقعت انفجارات القطارات في مدريد عام 2004 ? أفاد تعاون أمني مغربي إسبانيا.
في تجميع معلومات حول المنفذين. أمر سيتكرر في تفجيرات باريس في نوفمبر من العام الماضي وكذلك تفجيرات بروكسيل في نوفمبر الماضي.
الأمر ببساطة أن معظم «أحياء التطرف» في فرنسا وبلجيكا وهولندا ودول أخرى تقطنها مجموعات من أصول مغاربية.
طلبت دول أوروبية من المغرب إيفاد علماء وأئمة مساجد لإقناع مسلمي هذه الدول بأهمية «الإسلام الوسطي المعتدل» كما يرى المغاربة.
نقل هذه التجربة إلى أميركا ليس سهلاً بسبب التعقيدات الأميركية التي تحيط دائماً بمسألة الأنشطة الدينية.
يبرر الأوروبيون توجههم نحو المغرب لدعوة رجال دين يساعدون على كبح التطرف، بالقول إن لديهم معلومات مؤكدة أن بعض أفراد المجموعات المتشددة ينتقلون إلى حيث توجد مناطق توتر أو حروب للقتال هناك..سوريا على سبيل المثال.
كانت هولندا أول دولة أوروبية تطلق مبادرات من أجل كبح «التطرف»، من ذلك تنظيم زيارات لمفكرين ودعاة من العالم العربي والإسلامي، للحوار مع هذه المجموعات.
لكن هناك وسط المهاجرين من أصول مغربية من يقول إن حظوظ نجاح مثل هذه المبادرات ضعيفة، وفي تقديراتهم أن هذه المجتمعات لم تستطع على الرغم من القوانين التي تساوي بين المواطنين من تحقيق «مساواة» حقيقية، لذلك يشعر «الهولنديون» من أصول مغاربية خاصة من أبناء الجيل الثاني والثالث،إن المجتمعات التي نزح اليها الآباء، ما تزال تتعامل معهم كغرباء.
عندما ظهر متطرفون من الأوروبيين الأقحاح، في بعض المجتمعات في التسعينيات، عولج الأمر وقتها بطريقة خاصة. في هذا السياق كانت المانيا على سبيل المثال قد أوفدت مجموعة من»حليقي الرؤوس» الذين دأبوا مهاجمة المغاربيين والعرب بصفة عامة، في جولات بدول المغرب العربي.
اختيرت المجموعة من بين أكثر الفئات تطرفاً وعنصرية، اشتهروا بعداوتهم الشديدة للأجانب في ألمانيا. بعض الجمعيات الألمانية قالت وقتها إن هذا التطرف ضد الأجانب مرده إلى حالات اضطراب نفسي وعصبي، ولا علاقة له بالمعتقدات السياسية.
لذلك تبنت تلك الجمعيات فكرة تنظيم رحلة لهؤلاء الشباب المتطرف رفقة عالم نفساني إلى كل من المغرب والجزائر، حتى يعيشوا بدورهم كأجانب وسط مجتمعات يكنون لها عداءً مطلقاً. وأوضح ذلك العالم النفساني، ان تلك للرحلة جعلتهم يشعرون بدورهم بأنهم أجانب. لكنهم لم يتعرضوا للاعتداء.
ظني أن عمق المشكلة يتمثل في عدم قبول مجتمعات الاستقبال، فكرة أن الوافد يمكن أن يصبح بدوره مواطناً له كامل الحقوق.
المؤكد أن المجتمع الوحيد في الغرب الذي يعترف بهذه المواطنة الكاملة هو المجتمع الاميركي، لأنه أصلاً مجتمع مهاجرين، لكن على الرغم من ذلك فإن «هجمات سبتمبر» جعلت الاميركيين بدورهم يوقظون في دواخلهم عدم قبول الآخر إذا كان عربياً أومسلماً.
الآن.. يدعو دونالد ترامب إلى لائحة سوداء، هي عملياً لائحة الدول العربية وبعض الدول الإسلامية.

بقلم : طلحة جبريل
copy short url   نسخ
18/06/2016
2756